374

الإطلاق على سبيل الحقيقة ، بل على نوع من التجوز ، أو على سبيل الاصطلاح ، أطلقنا الصورة على النفس وإن لم يصح الإطلاق ، قلنا انها كالصورة. وبالجملة أردنا بها أنها ليست كالفصل بالنسبة إلى الجنس.

وهذا كما أن القياس يقتضي أن يصح اعتبار النوع أيضا كالإنسان بشرط لا شيء بالنسبة إلى ما يؤخذ معه مشخصا له ، أو كالمشخص ، والأمارة للتشخص ، أي الأعراض الحالة فيه. إلا أنه لا يخفى أن ليس الإنسان بالنسبة إلى تلك الأعراض مادة بالمعنى الأخص ، بل موضوعا لها ، كما أن تلك الأعراض ليست بصورة بمعنى الأخص ، فتدبر.

ثم إنا لو أخذنا الحيوان بالاعتبار الذي أخذنا الجسم بذلك الاعتبار جنسا ، كان هو أيضا جنسا ، أي لو أخذنا الحيوان ، مع أخذه بالنسبة إلى ما يدخل في حيوانيته ، كالجسمية والتغذي والحس ، بالنسبة إلى ما بعد ذلك من المعاني ، كالنطق وما يقابل النطق لا بشرط شيء ، بمعنى أن لا نتعرض لرفع شيء من تلك المعاني الأخر أو لوضعه ، بل نجوز وجود أي معنى من تلك المعاني داخلا في هوية الحيوان ، مقوما لحقيقته ، محصلا له شيئا آخر متحصلا منتظرا ، بعد أن كان متحصلا في الجملة ، ومبهما غير محدود ، بحسب ذلك التحصل الباقي المنتظر. أي نجوز كون الحيوان مع كونه مما يدخل بالضرورة في حقيقته الجسمية ، وقوة التغذية والحس والحركة ، بحيث يمكن أن ينضم إليه ما يحصله شيئا آخر ، ويقومه كالنطق ومقابله ، وبحيث لا ضرورة هنا في ذلك.

والحاصل أن لا نختم معنى الحيوان بما يدخل في حقيقته ، ولا نجعل ما يمكن أن ينضم إليه من الأمر المقوم المحصل له خارجا عنه البتة ، بل نجوز مع ذلك انضمامه إليه ، وتحصيله إياه وتقويمه له ، فحينئذ يكون الحيوان حيوانا بمعنى الجنس ، كما أنه إذا اخذ الحيوان بشرط شيء ، أي بشرط دخول الأمر الآخر المنضم إليه في حقيقته ، وكونه أمرا محصلا في نفسه ، ولم يبق له تحصل منتظر كان نوعا.

وهذا الذي ذكرنا ، هو اعتبار كون الشيء الواحد مادة أو جنسا ؛ ومنه يعلم اعتبار كون الشيء الواحد صورة أو فصلا ، حيث يعلم منه أنه بالاعتبار الذي يؤخذ الشيء به

صفحہ 46