147

تغيره تغيرا في ذلك العرض دون موضوعه أي ذلك الجسم.

ثم ادعى أنا قد أقمنا الدليل على أنه لا يمكن أن يكون للنفس هيولى ولا ما هو كالهيولى ، فحيث انتفت عنه الهيولى وكالهيولى ، انتفى احتمال أن يكون لها صورة أو كالصورة أيضا ، إذ ذلك لا يكون إلا بملاحظة كون هيولى أو كالهيولى لها. وقد عرفت أن ذلك منتف عنها ، فإذا لم يكن لها مادة مطلقا ولا صورة مطلقا فكيف يتطرق إليها وإلى كمالاتها الذاتية فساد ، وبعبارة اخرى : إذا لم يكن لصورتها مادة حاملة لها قابلة لفسادها عنها فكيف يتطرق إلى صورتها فساد يلحقه فساد كمالاتها الذاتية التابعة لصورتها ، وهو المطلوب.

وإذا عرفت ذلك ، عرفت أن تسليم المحقق الطوسي كون صورة للنفس ، مماشاة مع الإمام في كون شيء هنا يطلق عليه الصورة أو كالصورة ، لا أنه مبني على الواقع أو بحسب اعتقاده ، حتى يرد عليه أنه مخالف لما بينه أولا من عدم كون هيولى أو كالهيولى لها ، فإن الصورة إنما تكون إذا كان هناك مادة وتركب منها ومن صورة ، والمفروض خلافه ، وعليه ما ذكره صاحب المحاكمات بقوله : «ولقائل أن يقول : لم لا يجوز أن يقوم قوة فساد الصورة المقيمة بمحلها ، ولا نسلم احتياج قوة الفساد بمادة جسمية بل هو أول المسألة؟»

ثم قال : «لا يقال : المفارق يمتنع أن يفارق المفارق. لأنا نقول : إذا جاز أن يحدث في المفارق فلم لا يجوز أن ينعدم». هذا كلامه وبيان عدم الورود ظاهر ، وكان هذا الإيراد أيضا مبني على الغفلة عن كلام المحقق الطوسي رحمه الله .

وحيث عرفت ما ذكرنا ... (1) أيضا وأنه مبني على بساطة النفس وأصالتها في القيام ، كما ذكرنا ، أما بساطتها ، فلأنه نفى عنها التركيب مطلقا ، وأما أصالتها ، فحيث ادعى كونها عاقلة بذاتها ومستغنية في وجودها عن البدن ، وكل ذلك ظاهر على من تدبر في كلامه ، إلا أنه كان ينبغي له أن يوجه كلام الشيخ أولا بحيث لا يتطرق إليه الاحتمالات التي هي منشأ للإيراد عليه كما فعلنا وهو رحمه الله لم يفعله ، لكنه رحمه الله أعلم.

وإنما تعرضنا نحن لتصحيح ما ذكره الشيخ في الكتابين من الدليلين ، مع كون بعض ما ذكره فيهما مبنيا على مقدمة مقررة عند الحكماء غير تامة عندنا ، وهي أن كل حادث

صفحہ 196