إلى النفس الناطقة للمولود التي هي أيضا واحدة بالذات وفاعلة بالإرادة ، ليس من تفويض أحد الفاعلين الطبيعيين تدبيره إلى الآخر ، فهذا الإلزام قرينة على أن نظر المحقق الطوسي إلى تعدد النفوس بالذات.
وما ذكره من قوله : «فجميع هذه القوى كشيء واحد» قرينة على أن نظره إلى وحدتها بالذات ، وبذلك يحصل الإبهام والإجمال في كلامه : «ولم يتبين منه أن هذه الأفاعيل أهي صادرة من كلمة واحدة فاعلة؟ أو من كلمات متعددة فعالة؟»
وبالجملة لو كان نظره إلى وحدتها بالذات ، لم يرد إلزامه على الإمام الرازي ولم يعلم بعد أن مذهب الإمام هو التعدد بالذات ، حتى يكون الإلزام عليه إلزاميا ، وإن كان نظره إلى تعددها بالذات ورد عليه أيضا ما ألزمه على الإمام.
وهذا غاية توجيه كلام صدر الأفاضل في إيراده على المحقق الطوسي.
دفع إيراد آخر على المحقق الطوسي رحمه الله
ويمكن الجواب عن ذلك بأن الظاهر كما ذكرنا أن نظر المحقق الطوسى رحمه الله إلى الوحدة بالذات ، وأنه على تقدير هذه الوحدة أيضا يرد إلزامه على الإمام ، فإن ذات نفس الام وكذا ذات نفس المولود وإن كانتا فاعلين بالإرادة في بعض أفاعيلهما أي الأفاعيل الحيوانية والإنسانية لكن فعلاهما هذان ، أي جمع أجزاء النطفة وحفظها أولا الذي أسنده الإمام إلى نفس الام ، وحفظها ثانيا الذي أسنده إلى نفس المولود الحادثة فعلان طبيعيان غير إراديين كما لا يخفى. والفاعل من حيث فعله الطبيعي سواء كان ذاته بذاته طبيعيا أيضا ، أو إراديا ، لا يمكن أن يفوض تدبيره الطبيعي إلى فاعل آخر طبيعي أو غير طبيعي وخصوصا إذا كان فعله أيضا غير طبيعى كما هنا ، حيث إن الدليل الذي ادعوه على هذا الامتناع جار هنا أيضا. والحاصل أن الفعل الطبيعي من حيث هو فعل طبيعي لا يمكن أن يفوض تدبيره من فاعل إلى آخر. ولا مانع من أن يكون فاعل واحد من جهة ذاته بذاته أو من بعض الاعتبارات فاعلا بالإرادة ، ومن جهة بعض الاعتبارات الاخر فاعلا طبيعيا ، فإنه لا مانع من أن يكون النفس المجردة الإنسانية من جهة تعلقها بمجموع البدن كالصورة المعدنية ، وفاعلة بالطبع ، ومن جهة تعلقها ببعض أجزاء بدنها كالكبد نوعا من التعلق
صفحہ 170