منها: أن المشاركة في الهدي الظاهر تورثُ تناسبًا وتشاكلًا بين المتشابهين، يقود إلى موافقةٍ ما في الأخلاق والأعمال، وهذا أمرٌ محسوس، فإن اللابِسَ ثيابَ أهل العلم -مثلًا- يجد من نفسهِ نوع انضمامٍ وانقياد إليهم، وكذلك اللابس لثيابِ الجند يجد في نفسه نَوْع تخلُّق بأخلاقهم، ويصير طبعه متقاضيًا لذلك، إلا أن يمنعه مانع.
ومنها: أن المخالفة في الهدي الظاهر تُوْجِب مباينة ومفارقة، توجب الانقطاعَ عن موجبات الغضب، وأسباب الضلال، والانعطافَ على أهل الهدى والرضوان، وتحقق ما قطع الله من الموالاة بين جنده المفلحين وأعدائه الخاسرين، وكلَّما كان القلب أتمَّ حياة كان أبعدَ عن أخلاق اليهود والنصارى ظاهرًا وباطنًا.
ومنها: أن مشاركتهم في الهدي الظاهر، توجب الاختلاط الظاهر، حتى يرتفع التميُّز ظاهرًا بين المهتدين المرضيين، وبين المغضوب عليهم [و] الضالين، إلى غير ذلك من الأسباب الحكمية، هذا إذا لم يكن ذلك الهدي الظاهر إلا مباحًا وتجرَّد عن مشابهتهم، فأما إن كان من موجبات كفرهم كان شعبةً من شعب الكفر، فموافقتهم فيه موافقة في نوع من أنواع معاصيهم.
فهذا أصل ينبغي أن يتفطَّن له اللبيب.
* * *
1 / 28