فصلٌ (^١)
أما زيارة مقامات الأنبياء والصالحين، وهي الأمكنة التي أقاموا فيها، لكنهم لم يتخذوها مساجد، فالذي بلغني عن العلماء قولان:
أحدهما: النهي عن ذلك.
والثاني: أنه لا بأس باليسير من ذلك، كما نُقِل عن ابن عمر أنه كان يتحرَّي قصد المواضع التي سلكها النبي ﷺ، وإن كان النبي سلكها اتفاقًا لا قصدًا. قال سِنْدِيّ (^٢): سألنا أبا عبد الله عن الرجل يأتي هذه المشاهد ويذهب إليها، ترى ذلك؟ فقال: أما على حديث ابن أم مكتوم أنه سأل النبي ﷺ أن يصلي في بيته حتى يتخذه مصلي، وعلى ما كان يفعل ابن عمر؛ يتتبع مواضع النبي ﷺ وأثره؛ فليس بذلك بأس أن يأتي الرجل المشاهد، إلا أن الناس قد أفرطوا في هذا جدًّا (^٣).
فقد فصَّل أبو عبد الله بين ما يُتَّخذ عيدًا وبين ما يُفْعَل نادرًا قليلًا، وهذا فيه جمعٌ بين الآثار.
ورُوِي عن عمر أنه رأى الناس ابتدروا المسجد، فقال: ما هذا؟ قالوا: مسجدٌ صلى فيه رسول الله، فقال: "هكذا هلك أهل الكتاب قبلكم، اتخذوا آثار أنبيائهم بِيَعًا، من عَرَضت له منكم الصلاة فلْيُصلِّ، ومن لم تعرض له فليمض" (^٤)، فكره اتخاذ مصلَّى النبي عيدًا.