واعلم أن أيسر ما ارتكبت، وأخف ما احتملت، أنك أنست وحشة الظالم، وسهلت سبيل الغي بدنوك ممن لا يؤدي حقا، ولم يترك باطلا حين أدناك، اتخذوك قطبا تدور عليك رحا ظلمهم، وجسرا يعبرون عليك إلى بلائهم، وسلما يصعدون فيك إلى ضلالهم، يدخلون الشك بك على العلماء، ويقتادون بك قلوب الجهلاء، فما أيسر ما عمروا لك في جنب ما خربوا عليك، وما أكثر ما أخذوا منك في جنب ما أعطوك، وما أقل ما أصلحوا لك في جنب ما أفسدوا عليك من دينك، فما يؤمنك أن تكون ممن قال الله فيهم: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا}[مريم:59] فإنك تعامل من لا يجهل، ويحفظ عليك من لا يغفل، فداو دينك فقد دخله سقم، وهيىء زادك فقد حضر السفر البعيد، وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء، والسلام.
وقال سفيان: في جهنم واد لا يسكنه إلا القراء الزائرون للملوك.
وعن الأوزاعي: ما من شيء أبغض إلى الله من عالم يزور عاملا.
وعن محمد بن مسلمة: الذباب على العذرة أحسن من قارئ على باب هؤلاء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((من دعا لظالم بالبقاء فقد أحب أن يعصي الله في أرضه )) ، ولقد سئل سفيان عن ظالم أشرف على الهلاك في برية هل يسقى شربة ماء؟ فقال: لا، فقيل له: يموت، فقال: دعه يموت. انتهى.
والحديث أخرجه البيهقي في السادس والستين من الشعب من رواية يونس بن عبد، عن الحسن من قوله: وذكره أبو نعيم في ((الحلية)) من قول سفيان الثوري.
صفحہ 119