منہج فی فکر عربی معاصر
المنهج في الفكر العربي المعاصر: من فوضى التأسيس إلى الانتظام المنهجي
اصناف
فهذه المسوغات كافية في نظر الجابري لمقترحات منهجية أكثر فاعلية، وقدرة على التحليل في إطار المشروع الكبير الذي اشتغل عليه «نقد العقل العربي» وتفكيك آلياته ونظمه المعرفية. (ب) الانتظام المنهجي في فكر الجابري: الأسس والآليات
ظل إشكال المنهج في قراءة التراث العربي الإسلامي عند الجابري إحدى القضايا الكبرى التي شغلته، الأمر الذي دفعه إلى نقد الدراسات السابقة والتي وصفها بالسلفية، على اختلاف مرجعياتها؛ لأنها أخلت - في رأيه - بشروط القراءة العلمية المعاصرة التي تخلق إمكانات وكفايات في قراءة الإشكالات الواقعية المطروحة على العقل العربي المعاصر، وتعيد المتن التراثي إلى سياقات جديدة ليتفاعل معها، بدل أن يظل متنا سكونيا عاجزا عن الفعل، أي بعد الاتصال والانفصال عنه في اللحظة ذاتها.
ويقدم الجابري في هذه الخطوات المعالم الكبرى لمنهجياته المقترحة نستعرضها كما صاغها الرجل دون تغيير حرصا على الأمانة العلمية وإبلاغا للمادة كما هي على أساس أن نؤجل القول فيها فيما بعد.
تنتظم هذه الخطوات المنهجية عنده كلها في سؤال إشكالي وأزمة بنيوية، سؤال إشكالي مرتبط ب «قضية إعادة بناء الذات العربية بالشكل الذي يجعلها قادرة على مجابهة تحديات العصر والاستجابة لمتطلباته»،
40
وهذا لا يتم في نظره إلا من خلال عملية إعادة بناء الماضي وتفكيك عناصره، وترتيب العلاقة بين أجزائه؛ حتى يكون قادرا على أن يؤسس لنهضة تمتلك هذا التراث، وتعيد بناءه قصد تجاوزه وبقراءته قراءة تستوحي المفاهيم والمناهج الجديدة وتوظفها في خدمة الموضوع، وتعيد الاستقلال التاريخي للذات العربية.
وما لم ينتظم الفكر العربي المعاصر في هذا «التراث وتجديده من الداخل، وفي الفكر العالمي المعاصر ومواكبة أدواته المنهجية وتوظيفها ورؤاه العلمية في إعادة بناء الماضي وتغيير الحاضر وتشييد المستقبل (...) سيبقى الفكر العربي سجين المعارف القديمة يجترها، وسيظل يعاني ليس أزمة إبداع فقط، بل لربما من سكرات الموت وخطر الانقراض.»
41
أما الأزمة البنيوية التي يشكو منها الفكر العربي المعاصر - في نظره - فهي «أزمة عقل قوامه مفاهيم ومقولات وآليات ذهنية تنتمي إلى ثلاثة نظم معرفية [يقصد العرفان والبيان والبرهان] متنافرة تكلست وجمدت فيها الحياة باكتساح الطرقية الصوفية ورؤاها السحرية الخرافية للساحة الاجتماعية اكتساحا شاملا، وأزمة ثقافية ارتبطت منذ بداية تشكلها بالسياسة، فكانت السياسة فيها لا العلم»
42
نامعلوم صفحہ