[125] وكذلك إذا أدرك البصر في الليل وفي الضوء الخفي وفي المواضع المغدرة المبصرات التي معانيها الظاهرة قبيحة وغير مستحسنة، ومعانيها اللطيفة التي ليست بكل الظاهرة مستحسنة ومحسنة لجملة الصورة، فإنه يدركها قبيحة غير مستحسنة ولا يحكم لها بشيء من الحسن إذا لم يدرك المحاسن اللطيفة التي فيها.
[126] وإذا أدرك البصر الصورة الحسنة قبيحة فهو غالط في قبحها. والغلط في الحسن وفي القبح هو غلط في القياس لأن الحسن والقبح يدركان بالقياس، ولأن هذا الغلط الذي على هذه الصفة إنما يكون لتعويل البصر على المعاني الظاهرة فقط وسكونه إلى نتائجها من غير اعتبار يما يجوز أن يخفى في الحال عن البصر من المعاني. وعلة هذا الغلط هو خروج الضوء الذي في المبصر عن عرض الاعتدال، لأن المبصرات التي بهذه الصفة إذا أدركها البصر في الضوء المعتدل فإنه يدرك محاسن المستحسن منها ويدرك معايب المستقبح ، ولا يعرض له الغلط في حسن المستحسن ولا في قبح المستقبح، إذا كانت المعاني الباقية التي في هذه المبصرات في عرض الاعتدال.
.يح. .يط.
[127] وعلى هذه الصفة بعينها قد يعرض للبصر الغلط في التشابه والاختلاف أيضا. وذلك أن البصر إذا أدرك شخصين في موضع مغدر أو في ضوء سراج ضعيف الضوء، وكان ذانك الشخصان متشابهين في المعاني الظاهرة التي هي اللون والشكل والهيئة وأشكال أجزاء المبصر، وكان الشخصان مع ذلك مختلفين في معان لطيفة كالزرقة والشهلة والشقرة والنمش والكلف والآثار في أشخاص الناس وكالنقوش والتخاطيط اللطيفة في الثياب والفروش وسائر الآلات وسائر الجمادات، فإن البصر يدرك الشخصين اللذين بهذه الصفة متشابهين ولا يحكم فها بشيء من الاختلاف، لأنه لا يدرك المعاني اللطيفة التي فيهما في الوضع المغدر وفي الضوء الضعيف التي بها يختلفان. وإذا أدرك البصر الشخصين المختلفين متشابهين على الإطلاق ولم يحكم لهما بشيء من الاختلاف فهو غالط في تشابههما
صفحہ 473