368

کتاب المناظر

كتاب المناظر

اصناف

[32] وقد يعرض الغلط في الحركة أيضا من أجل خروج بعد المبصر عن عرض الاعتدال. وذلك أن البصر إذا كان ينظر إلى القمر أو إلى كوكب من الكواكب، ثم تحرك الناظر على وجه الأرض وهو في حال حركته ناظر إلى القمر أو الكوكب، فإنه يرى القمر أو الكوكب سائرا معه. وإذا وقف الناظر في موضعه، ونظر إلى القمر أو الكوكب، فإنه يدرك القمر والكوكب في زمان له قدر محسوس ساكنا لا يتحرك. فيكون الناظر المتحرك إذا أدرك القمر والكوكب متحركا بحركته غالطا فيما يدركه من حركته، ويكون هذا الغلط غلطا في القياس، لأن الحركة تدرك بالقياس. وعلة هذا الغلط هوخروج بعد المبصر عن عرض الاعتدال، لأن المبصر الساكن والمبصر المتحرك حركة بطيئة، إذا كان على بعد معتدل، وكان الناظر الذي ينظر إليه متحركا، فليس يدركه متحركا بحركته بل يدرك الساكن ساكنا، ويدرك حركة المتحرك البطيء الحركة على ما هي عليه، ويدرك أنه غير متحرك بحركته إذا كانت المعاني الباقية التي في ذلك المبصر في عرض الاعتدال.

[33] فأما لم يدرك البصر القمر والكواكب متحركة بحركته فإن ذلك لأن المسافة التي يقطعها الناظر المتحرك من سطح الأرض في الزمان اليسير ليس لها قدر محسوس عند بعد القمر والكواكب، وإذا لم يكن لها قدر محسوس عند بعد القمر والكواكب لم يتغير وضع القمر والكواكب عند البصر وعند جسم الناظر في الزمان الذي يقطع فيه الناظر المتحرك المسافة التي فيها يدرك القمر أو الكواكب متحركا. وإذا لم يتغير وضع المبصر عند البصر وعند جسم الناظر، وكان الناظر مع ذلك متحركا، فإن الناظر إذا وجد وضع المبصر منه في الحال الثانية شبيها بوضعه منه في الحال الأولى، ووجد المبصر مسامتا له على مثل ما كانت مسامتته له، وكان الناظر يحس أنه قد انتقل عن الموضع الأول الذي كان فيه، فإنه يدرك ذلك المبصر منتقلا بانتقاله، لأن البصر ليس يدرك مبصرا من المبصرات المألوفة ويدرك وضعه منه وضعا واحدا لا يتغير ويكون الناظر مع ذلك متحركا إلا إذا كان ذلك المبصر متحركا حركة مساوية لحركة الناظر إليه وفي الجهة التي يتحرك إليها الناظر. فلذلك إذا كان الناظر متحركا، وكان مع ذلك ينظر لى القمر أو إلى كوكب من الكواكب، أدرك القمر والكوكب كأنهما متحركان معه حركة مساوية لحركته. وكذلك أيضا الغلط في حركة القمر إذا أدركه الناظر من وراء السحاب الرقيق، فإنه يظن القمر متحركا حركة سريعة، وتكون علة غلطه هو تفاوت بعده، ويكون طريق غلطه هو قياس القمر إلى أجزاء السحاب. وقد ذكرنا هذا المعنى من قبل.

صفحہ 431