365

کتاب المناظر

كتاب المناظر

اصناف

[25] فأما لم يدرك البصر المبصر من القرب الشديد أعظم من مقداره الحقيقي فإن ذلك لأن البصر إنما يدرك مقدار عظم المبصر من قياس العظم بزاوية المخروط الذي يحيط بذلك المبصر مع القياس بالبعد الذي بين البصر وبين ذلك المبصر. وإذا كان المبصر شديد القرب من البصر فإن زاوية المخروط المحيط به تكون عظيمة المقدار، ويكون البعد الذي إليه تقيس القوة المميزة مقدار المبصر ومن القياس إليه تدرك مقدار المبصر هو بعد المبصر عن سطح البصر، لأن مقدار البعد إنما يدركه البصر من إدراكه الأجسام المرتبة التي تسامت البعد، والبعد الذي تسامته الأجسام المرتبة الذي يدركه البصر دائما ويقدره دائما هو بعد المبصر عن سطح البصر. والبعد الذي بالقياس إليه يدرك مقدار المبصر على حقيقته هو البعد الذي بين المبصر وبين مركز البصر. فبين البعد الذي إليه تقيس القوة المميزة عظم المبصر وبين البعد الذي إليه يجب أن يكون القياس تفاوت مقداره هو نصف قطر كرة البصر. إلا أن الأبعاد المعتدلة التي منها يدرك البصر المبصرات المألوفة وإليها تقيس القوة المميزة أبدا مقادير المبصرات ليس يؤثر في مقاديرها مقدار نصف قطر كرة البصر، فلذلك يدرك البصر مقادير المبصرات من الأبعاد المعتدلة على ما هي عليه ولا يكون بين ما يدركه البصر من مقاديرها وبين مقاديرها الحقيقية تفاوت محسوس. فإذا صار المبصر قريبا جدا من البصر صار البعد الذي بيينه وبين سطح البصر يسيرا جدا، وهو الذي ليه تقيس القوة المميزة مقدار المبصر، ويصير التفاوت الذي بين هذا البعد وبين البعد الذي إليه يجب أن يكون القياس، الذي هو مقدار نصف قطر كرة البصر، تفاوتا له قدر مؤثر، لأن المبصر إذا كان قريبا جدا من البصر، وأدرك البصر مقداره أعظم من مقداره الحقيقي، فقد يكون بعده عن سطح البصرمثل نصف قطر كرة البصر، وربما كان بعده عن سطح البصر أقل من هذا القدر. وإن كان بعده الذي منه يظهر مقداره أعظم مما هو أكبر من نصف قطر كرة البصر بمقدار يسير، فيكون مقدار التفاوت بين البعد الذي تقيس إليه القوة المميزة مقدار المبصر وبين البعد الذي يجب أن يكون القياس إليه مساويا للمبعد الذي إليه يقع القياس أو أعظم منه أو عظيم النسبة إليه، فيكون إدراك مقدار المبصر إذا كان شديد القرب من البصر من قياس مقدار المبصر بزاوية المخروط المحيط بذلك المبصر، وهي زاوية عظيمة، ومن القياس إلى بعد هو أصغر من البعد الذي يجب أن يكون القياس إليه بمقدار هو مثل البعد الذي إليه يقع القياس أو أعظم منه أو عظيم النسبة إليه. فلذلك يدرك البصر مقدار المبصر إذا كان شديد القرب من البصر أعظم من مقداره الحقيقي. وكلما زاد المبصر قربا من البصر كان التفاوت الذي بين بعده الذي إليه يقع القياس وبين البعد الذي يجب أن يكون القياس <إليه> أعظم قدرا. فلذلك كلما ازداد المبصر قربا من البصر ازداد مقداره في الحس عظما. فقد تبينت العلة التي من أجلها يدرك البصرمقدار المبصر إذا كان شديد القرب من البصر أعظم من مقداره الحقيقي، وكلما ازداد المبصر قربا من البصر ازداد مقداره في الحس عظما.

.و.

صفحہ 428