[16] وأيضا فإنه إذا ثبت البصر في مقابلة ذلك المبصر، وأدرك الحاس الجزء من سطح البصر الذي تصل فيه صورة ذلك المبصر، فإن الحاس يدرك مقدار ذلك الجزء ومقدار الزاوية التي يوترها ذلك الجزء من إدراكه المسافة التي بين نهايتي عرض ذلك الجزء من سطح البصر. والمسافة التي بين نهايتي عرض ذلك الجزء من سطح البصر هي في غاية الصغر، ونهايتا تلك المسافة التي يدركها الحس ليس هما نقطتين متوهمتين لأن النقطة المتوهمة لا يدركها الحس وليس يدرك الحس إلا ما كان ذا مقدار، فالنهاية التي بها يحد الحس عرض ذلك الجرء هي جزء من عرض ذلك الجزء. وذلك الجزء الذي هو النهاية هونقطة في الحس ليس لها مقدار يعتد به الحس، وهي مع ذلك ذات مقدار له نسبة مقتدرة إلى المسافة التي هي عرض الجزء الذي حصلت فيه صورة المبصر، فالنهاية التي بها يحد الحاس الجزء الذي تحصل فيه صورة المبصر المتفاوت البعد الذي ليس يعتد الحاس بمقدارها لها نسبة مقتدرة إلى عرض ذلك الجزء الذي فيه تحصل صورة المبصر، لأن ذلك الجزء في غاية الصغر، وإنما يزيد عرض ذلك الجزء على النقطة المحسوسة التي هي النهاية بمقدار يسير. فالنقطة المحسوسة التي هي نهاية عرض الجزء الذي فيه تحصل صورة المبصر المتفاوت البعد لها نسبة مقتدرة إلى عرض ذلك الجزء ومؤثر في مقدار ذلك الجزء، ومع ذلك فهذه النقطة هي النهاية التي لا يعتد الحاس بمقدارها، فإذا أدرك البصر مقدار عرض الجزء الذي تحصل فيه صورة المبصر المتفاوت البعد فهو يدركه أصغر من مقداره الحقيقي بمقدار النقطتين اللتين هما نهايتا ذلك العرض اللتان هما جزءان مقتدراالنسبة إلى جملة ذلك العرض. وكذلك الزاوية التي يوترها الجزء من سطح البصر الذي تحصل فيه الصورة يدرك الحاس مقدارها أصغر من مقدارها الحقيقي بالقدار الذي توتر النقطتان اللتان هما نهايتا عرض ذلك الجزء اللتان لا يعتد الحاس بمقدارهما. ولذلك يدرك الحاس جميع أجزاء البصر التي تحصل فيها صور المبصرات ويدرك كل واحد منها بالمقدار الذي هو نقطتا نهايتي عرض ذلك الجرء، وكذلك يدرك جميع الزوايا التي توترها جميع المبصرات عند مركز البصر، إلا أن النقطتين اللتين هما نهايتا عرض الجزء الذي تحصل فيه صورة المبصر، إذا كان المبصر على بعد معتدل، يكون الجزءان من المبصر اللذان تحصل صورتاهما في تينك النقطتين ليس لهما قدر مؤثر في جملة مقدار المبصر، فليس لتينك النقطتين قدر عند جملة الجزء من سطح البصر الذي تحصل فيه صورة المبصر من البعد المعتدل، وكذلك ليس للزاويتين اللتين توترهما تانك النقطتان قدر عند جملة الزاوية. فإذا كان المبصر على بعد متفاوت بالقياس إلى ذلك المبصر كانت النقطتان اللتان هما نهايتا عرض الجزء الذي تحصل فيه صورة ذلك المبصرمن سطح البصر لهما قدر مؤثر عند جملة الجزء الذي تحصل فيه الصورة. لأن جميع الجزء الذي تحصل فيه الصورة عند تفاوت بعد المبصر يكون قد تصاغر حتى صار في غاية الصغر، والنقطة التي هي النهاية التي هي أصغر جزء يدركه الحس من سطح البصر هي مقدار واحد بعينه ليس يتغير كبر الجزء الذي تحصل فيه الصورة أم صغر، لأنه ما كان أصغر من تلك النقطة فليس يدركه الحس. والجزء من المبصر الذي تحصل صورته في تلك النقطة من البعد المتفاوت يكون أعظم من الجزء من المبصر الذي تحصل صورته في تلك النقطة من البعد المعتدل. وإذا كان ذلك كذلك فالجزءان من المبصر اللذان تحصل صورتاهما في تينك النقطتين يكون لهما قدر مؤثر كبير النسبة إلى جملة المبصر إذا كان المبصر على بعد متفاوت، فتكون الزاويتان اللتان يوترهما ذانك الجزءان عند مركز البصر، اللتان ليس يدركهما الحس، لهما قدر مؤثر في جملة الزاوية التي يوترها جميع ذلك المبصر من البعد المتفاوت. وكل مبصر يدركه البصر من بعد متفاوت فإن الجزء من البصر الذي تحصل فيه صورة ذلك المبصر والراوية التي يوترها ذلك المبصر عند مركز البصر يدرك الحس مقداريهما أصغر من مقداريهما الحقيقيين بمقدار مؤثر في جملة مقداريهما الذي يوجبه ذلك البعد المتفاوت.
صفحہ 422