[8] فأما التجسم فإن البصر يحس به من إحساسه بانعطاف السطوح كما تبين من قبل. والإحساس بانعطاف سطوح الأجسام هو إحساس بمائية سطح الجسم، فالغلط في التجسم إن عرض فهو إنما يكون من أجل الغلط في هيئة سطح الجسم. لأن الغلط في التجسم إنما يكون إذا أدرك البصر المبصر المسطح محدبا، وإذا أدرك البصر المسطح محدبا أو أدرك المحدب مسطحا فإنما هو غالط في هيئة سطح ذلك المبصر. وهيئة السطح إنما هو شكل جملة السطح، لأن شكل السطح يكون على جهتين: فإحداهما شكل محيط السطح والأخرى شكل جملة السطح الذي يسمى هيئة السطح. وإذا كان ذلك كذلك فالغلط في التجسم يدخل تحت الغلط في الشكل مع الغلط في الوضع من أجل تفاوت البعد، فقد يعرض الغلط في شكل المبصر أيضا من أجل تفاوت البعد وإن لم يعرض الغلط في وضعه. وذلك أن الجسم الكثير الأضلاع المتساوي الأقطار إذا كان على بعد متفاوت وكان مواجها للبصر فإن البصر يدركه مستديرا، وإذا أدرك الجسم المضلع مستديرا فهو غالط في شكله، والغلط في الشكل والهيئة إذا كان على بعد متفاوت فهو غلط في القياس. لأن الشكل والهيئة إذا كانا على بعد معتدل وكان من الأشكال المألوفة فقد يدركه البصر بالمعرفة، وأصل إدراكه بالقياس. وإذا كان على بعد متفاوت فليس يدرك إلا بالقياس في حال الإحساس كان ذلك الشكل من الأشكال المألوفة أو من الأشكال الغريبة، لأن شكل المبصر من البعد المتفاوت ليس يدرك إلا بالتأمل في حال إدراك المبصر، وليس يدرك الشكل من البعد المتفاوت بالبديهة ولا بالأمارات، فالغلط في الشكل من البعد المتفاوت ليس يكون إلا غلطا قي القياس. وعلة هذا الغلط هو خروج بعد المبصر عن عرض بالاعتدال. لأن المبصر المضلع إذا كان على بعد معتدل فإن البصر يدرك شكله على ماهو عليه، إذا كانت المعاني الباقية التي فيه في عرض الاعتدال.
صفحہ 416