[2] وإذا كان المبصر مختلف الألوان وكان بعضها قويا وبعضها رقيقا، أدرك البصر ألوانه بمنزلة الظل والظلمة المتجاورين فيدركه البصرذا لونين وإن كان كثير الألوان. فقد يقع الغلط بمجرد الحس في اختلاف ألوان المبصر المختلف الألوان أيضا وتشابهها. وقد يعرض أيضا أن يدرك البصر المبصر المختلف الألوان ذا لون واحد إذا كانت أجزاؤه المختلفة الألوان أو بعضها صغارا في غاية الصغر، فلا يدرك البصر كل واحد منها على انفراده لصغرها، وإذا لم يدرك كل واحد من الأجزاء الصغار على انفراده لم تتميز له ألوانها، وإذا لم تتميز له ألوانها فهو يدرك جملة المبصر ذا لون واحد إذا كانت أجزاؤه المخالفة اللون للون جملته في غاية الصغر. وإن كانت أجزاؤه المخالفة اللون للون جملته بعضها صغارا وبعضها كبارا أدرك جملة المبصر مختلفة الألوان بالاختلاف الذي في الأجزاء الكبار ولم يدرك الألوان التي في الأجزاء الصغار. فقد يعرض الغلط بمجرد الحس في اختلاف الألوان من أجل صغر الأجزاء أيضا. وليس يوجد الغلط بمجرد الحس فيما سوى هذه المعاني.
[3] فليس يعرض للبصر الغلط بمجرد الحس إلا في الضوء بما هو ضوء وفي اللون بما هو لون. وليس يعرض الغلط في الضوء ما هو ضوء إلا في اختلاف كيفية الضوء في القوة والضعف فقط، وليس يعرض الغلط في اللون بما هو لون إلا في اختلاف كيفيته في القوة والضعف. وإذا كان المبصر ذا ألوان مختلفة فربما عرض الغلط في اختلاف ألوانه وفي عددها. فأما غلط البصر في مائية اللون فإنما هو غلط في المعرفة، لأن مائية اللون إنما تدرك بالمعرفة كما تبين في المقالة الثانية، وكذلك مائية الضوء. فغلط البصر في مجرد الحس إنما يكون على الصفات التي بيناها.
[4] فأما كيف يكون الغلط في مجرد الحس بحسب كل واحد من العلل التي فصلناها فإنه يكون كما نصف: أما غلط البصر في مجرد الحس من أجل خروج بعد المبصر عن عرض الاعتدال فكالمبصر الذي يكون مقتدر الحجم ويكون ذا ألوان مختلفة ويكون كل واحد من أجزائه المتلون بلون من تلك الألوان صغير الحجم ويكون على بعد متفاوت، فإن المبصر الذي بهذه الصفة يدركه البصر ذا لون واحد مشتبه. وإذا اعتبر المعتبر مبصرا من المبصرات مختلف الألوان من بعد متفاوت فإنه يجده على ما وصفناه.
صفحہ 391