326

کتاب المناظر

كتاب المناظر

اصناف

[6] فأما المثال في الغلط الذي يعرض في المعرفة فكإدراك البصر لشخص إنسان من بعد بعيد ويكون ذلك الإنسان يشبه زيدا، بالمثال، الذي يعرفه ذلك الناظر وقد ألفه. فإذا رأى الناظر ذلك الشخص من البعد ربما ظنه زيدا وليس هو زيدا، وإن كانت المعاني الباقية التي في ذلك الشخص التي بها يتم إدراك المبصر على ما هو عليه في عرض الاعتدال ما سوى البعد. فيكون البصر فقد غلط في إدراك ذلك الشخص، ويكون غلطه غلطا في المعرفة، ويكون علة هذا الغلط هو خروج بعد ذلك الشخص عن عرض الاعتدال. لأن الشخص إذا كان على مسافة قريبة من البصر، فليس يشتبه على الناظر صورته بصورة من قد عرفه وألفه، إذا كانت المعاني الباقية التي في ذلك الشخص التي بها يتم إدراك المبصر على ما هو عليه في عرض الاعتدال.

[7] فأما المال في الغلط الذي يعرض في القياس والتمييز في حال إدراك المبصر فكإدراك البصر لحركة القمر إذا كان في وجه القمر سحاب رقيق متقطع أو مختلف الصورة وكان ذلك السحاب متحركا حركة سريعة. فإن البصر يرى القمر كأنه يتحرك حركة سريعة، وإذا أدرك البصر القمر يتحرك حركة سريعة فهو غالط فيما يدركه من حركته، والغلط في الحركة هو غلط في القياس لأن الحركة ليس تدرك إلا بالقياس في حال الإحساس، وعلة هذا الغلط هو خروج بعد القمر عن عرض الاعتدال بالتفاوت المسرف. لأن المبصرات التي على وجه الأرض القريبة من البصر إذا تحرك في وجهها جسم مشف، فليس ترى متحركة إذا كانت المعاني الباقية التي في تلك المبصرات التي بها يتم إدراك المبصرات على ما هي عليه في عرض الاعتدال. وقد يوجد ذلك في الأجسام التي على وجه الأرض، وهي الأجسام التي تكون في الماء إذا كان الماء جاريا وكان مع ذلك صافيا. فإن البصر إذا تأمل المبصر الذي في الماء الصافي، وكان الماء جاريا، فليس يدرك ذلك المبصر متحركا وهو يدرك القمر من وراء السحاب متحركا.

صفحہ 388