منار منیف
المنار المنيف في الصحيح والضعيف
تحقیق کنندہ
عبد الفتاح أبو غدة
ناشر
مكتبة المطبوعات الإسلامية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٣٩٠هـ/١٩٧٠م
پبلشر کا مقام
حلب
عليها ليبلو عباده أيهم أحسن عملا لا أَكْثَرُ عَمَلا.
وَالْعَمَلُ الأَحْسَنُ هُوَ الأَخْلَصُ وَالأَصْوَبُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَرْضَاتِهِ وَمَحَبَّتِهِ دُونَ الأَكْثَرِ الْخَالِي مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ ﷾ يُحِبُّ أَنْ يُتَعَبَّدَ لَهُ بِالأَرْضَى لَهُ وَإِنْ كَانَ قَلِيلا دُونَ الأَكْثَرِ الَّذِي لا يُرْضِيهِ وَالأَكْثَرُ الَّذِي غَيْرُهُ أَرْضَى لَهُ مِنْهُ وَلِهَذَا يَكُونُ الْعَمَلانِ فِي الصُّورَةِ وَاحِدًا وَبَيْنَهُمَا فِي الْفَضْلِ بَلْ بَيْنَ قَلِيلٍ أَحَدُهُمَا وَكَثِيرُ الآخَرِ فِي الْفَضْلِ أَعْظَمُ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ.
وَهَذَا الْفَضْلُ يَكُونُ بِحَسَبِ رِضَا الرَّبِّ سُبْحَانَهُ بالعمل وقبوله له ومحبته له وفرحه به ﷾ كما يفرح بتوبة التائب أعظم فرح ولا ريب أن تلك التوبة الصادقة أفضل وأحب إلى الله تعالى من أعمال كثير من التطوعات وإن زادت في الكثرة على التوبة.
ولهذا كان القبول مختلفا ومتفاوتا بِحَسَبِ رِضَا الرب سبحانه بالعمل، ولهذا كان القبول مختلفا ومتفوتا بِحَسَبِ رِضَا الرَّبِّ سُبْحَانَهُ بِالْعَمَلِ، فَقَبُولٌ: يُوجِبُ رِضَا اللَّهِ ﷾ بِالْعَمَلِ، وَمُبَاهَاةَ الْمَلائِكَةِ بِهِ، وَتَقْرِيبَ عَبْدِهِ مِنْهُ. وَقَبُولٌ: يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ كَثْرَةَ الثَّوَابِ وَالْعَطَاءِ فَقَطْ.
كَمَنْ يَتَصَدَّقُ بِأَلْفِ دِينَارٍ مِنْ جُمْلَةِ مَالِهِ -مَثَلا- بِحَيْثُ لَمْ يَكْتَرِثْ بِهَا، وَالأَلْفُ لَمْ تُنْقِصْهُ نَقْصًا يَتَأَثَّرُ بِهِ، بَلْ هِيَ فِي بَيْتِهِ بِمَنْزِلَةِ حَصَى لَقِيَهُ فِي دَارِهِ أَخْرَجَ مِنْهُ هَذَا الْمِقْدَارَ. إِمَّا لِيَتَخَلَّصَ مِنْ هَمِّهِ وَحِفْظِهِ، وَإِمَّا لِيُجَازَى عَلَيْهِ بِمِثْلِهِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ. وَآخَرُ عِنْدَهُ رَغِيفٌ وَاحِدٌ هُوَ قُوتُهُ، لا يَمْلُكُ غَيْرَهُ، فَآثَرَ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ مَنْ هُوَ أَحْوَجُ منه إليه محبة لله وتقربا إِلَيْهِ وَتَوَدُّدًا وَرَغْبَةً فِي مَرْضَاتِهِ وَإِيثَارًا عَلَى نفسه.
1 / 31