Manar Al-Qari Commentary on the Abridged Sahih Al-Bukhari
منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري
ناشر
مكتبة دار البيان،دمشق - الجمهورية العربية السورية،مكتبة المؤيد
پبلشر کا مقام
الطائف - المملكة العربية السعودية
اصناف
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَوْمًَا بَارِزًا للنَّاس، فَأتَاهُ رَجُلٌ، فقَالَ: ما الإِيمَانُ؟ قَالَ: أنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وبِلِقَائِهِ وَرُسُلِهِ وتؤمِنَ بالبَعْثِ، قَالَ:
ــ
بَارزًا" أي ظاهرًا لأصحابه، غير محتجب، ولا ملتبس بغيره كما أفاد الحافظ.
وقد كان ﷺ في أول أمره يجلس بين أصحابه كواحد منهم لا يميزه شيء عنهم، فصار الغريب لا يعرفه، فبنوا له " دكانًا " أي دكة مرتفعة، ليعرفه السائل من بين أصحابه " فأتاه رجل " أي مَلَكٌ في صورة رجل، وهو جبريل ﵇، جاءه على صورة أحسن الناس وجهًا، وأطيبهم ريحًا، كما هو شأنُ الملائكة عند النزول بالوحي، كما تقدم توضيحه في باب كيف كان بدء الوحي " فقال: ما الإِيمان؟ " أي ما هي أركان الإِيمان وعقائده وقضاياه التي لا يصير الإنسان مؤمنًا إلَّا إذا صدق بها؟ " قال: أن تؤمن بالله " أي الركن الأول أن تصدق تصديقًا جازمًا لا شائبة فيه ولا شك بوجود الله وربوبيته وصفاته ووحدانيته وتعتقد ذلك اعتقادًا راسخًا، " وملائكته " والركن الثاني أن تصدق بوجود الملائكة وهم عالم من خلق الله يتميز بالعصمة الذاتية والطاعة الفطرية، خلقوا من أصل تكوينهم على الطاعة والخير والاستقامة، فلا يقترفون المعصية بطبيعتهم، كما قال تعالى (لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) " وبلقائه " أي والركن الثالث من أركان الإِيمان أن تصدق بوجود حياة أخرى بعد الموت، وهي حياة روحية جسمية معًا، خلافًا للمسيحيين في زعمهم أنها روحية فقط، وأن نعيمها وعذابها للأرواح دون الأجسام. أما المؤمنون فيعتقدون أنهم يحيون حياة روحية جسميّة ليحاسبوا على أعمالهم، ويلقوا جزاءهم العادل حيث يثاب الطائع بالجنة، ويعاقب العاصي بالنار. " ورسله " أي والركن الرابع التصديق بجميع الرسل من آدم ﷺ إلى محمد ﷺ، وأنهم أرسلوا من عند الله لهداية البشر وأوحي إليهم بدين حق، " وتؤمن بالبعث " أي بإعادة الحياة إلى أجساد الأموات وإخراجهم
1 / 137