Manahij al-Tarbiyah Ususuha wa Tatbiqatuha
مناهج التربية أسسها وتطبيقاتها
ناشر
دار الفكر العربي
ایڈیشن نمبر
١٤٢١هـ
اشاعت کا سال
٢٠٠١م
اصناف
أما ما يردده بعض مفكرينا من آن لآخر، من أن الفنون والآداب يجب أن تدرس كفنون جميلة في حد ذاتها، دون ربطها بالعقائد والأخلاقيات، فهذا رأى غير مقبول، فلا يجب أن نعترف بنظريات "العلم للعلم" و"الفن للفن". فالعلوم والفنون ما هي إلا وسائل وأدوات خلقها الله ليتعلمها الإنسان ويستخدمها في عمارة الأرض وترقيتها وفق منهج الله.
أما العلوم البحتة كعلوم الكيمياء والفيزياء والأحياء وعلوم الصناعة والزراعة. إلخ فالأصل أن يسعى المجتمع المسلم لتوفير الكفايات فيها، باعتبار تعلمها فرض كفاية، فإذا لم يوفر الكفايات أثم المجتمع كله، وإلى أن تتوفر الكفايات في هذا الميدان فإن للمسلم أن يتلقى هذه العلوم عن المسلم وغير المسلم.
وليس معنى ما تقدم أنني أدعو إلى الانغلاق، لكنه الانفتاح الذي ينشد الحكمة ويزن كل شيء وفقا لمعايير وقواعد منهج الله.
العلم والمعرفة وقيادة الإنسانية
...
العلم والمعرفة وقياة الإنسانية:
إن الإسلام هو النظام الذي يحكم الحياة. وقد أنزله الله سبحانه لتكون له السيادة، وتحكم به الأرض، لكن سنة الله في الكون تقتضي أن يسود الإسلام ويحكم العالم، حينما يكون المسلمون أقدر من غيرهم على عمارة الأرض وترقية الحياة على ظهرها بالكشف عن سنن الله وقوانينه في الكون، التي هي العلم، ومعرفة تطبيقاتها في واقع الحياة، التي نعبر عنها بالتقانة، وحينما يكون المسلم مثلا يحتذى في الأخلاق والسلوك. عندئذ يكون المسلمون قلب العالم، وقادة القافلة الإنسانية، هذا ما حدث، وما نرجو أن يحدث مرة أخرى.. سنة الله، ولن تجدوا لسنة الله تبديلا.
إذن، فالعلاقة قوية بين استخدام قوى الإدراك الظاهرة والخفية التي أودعها الله في الإنسان، للكشف عن سنن الله في الكون، وتطبيقاتها في وقاع الحياة -التي نعبر عنها بالعلم والتطبيقات التقنية- وبين قيادة القافلة الإنسانية أو السير تبعا لذيلها.
﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [النحل: ٧٨] .
إن هذه العلاقة تكمن -كما يقول الأستاذ أبو الأعلى المودودي- في سر هذه الكلمات الثلاث: "السمع" و"البصر" و"الفؤاد". إن هذه الكلمات لم ينزل بها الوحي في كتاب الله لتعني فقط مجرد القدرة على السمع والرؤية والتفكير، لأن "السمع"
1 / 68