مالية مصر من عهد الفراعنة إلى الآن
مالية مصر من عهد الفراعنة إلى الآن
اصناف
Anastase
لم يزل باقيا معمولا به في القرن السادس، ومن مقتضى هذا النظام دفع جميع الضرائب على ثلاثة أقساط (قانون جوستنيان 10، 16، 13)، فيدفع أول قسط في أوائل يناير، والثاني في أوائل مايو، والثالث في أوائل سبتمبر. وكان هذا النظام معمولا به في مصر بإحكام ودقة دون أن تراعى فيه العادات المحلية. ا.ه.
ومن الواضح أنه لا معنى لتعيين دفع الأقساط في الآجال التي ذكرت، إلا إذا نظر بعين الاعتبار إلى وقت جني المحاصيل في مصر.
ولقد سبق لنا القول بأن المساحة المزروعة كانت ستة ملايين من الأفدنة، ومن رأيي أن المساحة التي كانت تزرع حبوبا في الشتاء من هذه الكمية هي أربعة ملايين من الأفدنة، أي يزرع مقدار من هذه المساحة الأخيرة قمحا وشعيرا، ويزرع الباقي برسيما أو أي مادة أخرى لتغذية المواشي، أما الفول فما كان يزرع منه شيء، والشاهد على ذلك ما رواه هيرودوت في المجلد الثاني الفقرة 37؛ إذ قال:
لا يزرع الفول قط في سائر أنحاء مصر، وإذا زرع لا يؤكل نيئا ولا ناضجا، والكهنة لا يستطيعون أن يروه؛ لأنهم يعتبرونه نجسا. ا.ه.
أما الذرة فكان بلا جدال يزرع فيها، والدليل على ذلك ما رواه هيرودوت في الكتاب الثاني الفقرة 77؛ إذ قال:
إن المصريين كانوا يقتاتون من الخبز المصنوع من الذرة، وكانوا يسمونه سيلستيس
Cyllestis . ا.ه.
وهذا القول يبين لنا أن زراعة الذرة كانت كثيرة الانتشار، غير أنها لم تبلغ في انتشارها الدرجة التي بلغتها في عهدنا هذا، والسبب في ذلك هو عدم وجود آلات رافعة قوية في الزمن القديم؛ لأن هذا النوع ما كان يزرع إلا في زمن التحاريق، ومن ثم كان من الضروري إيجاد الآلات الرافعة لريه، وكانت هذه الآلات في ذلك العهد الساقية والشادوف المستعملين في وقتنا الحاضر، وكانت زراعة هذا الصنف محصورة في ضفاف النهر وحواف الترع التي كانت كثيرة في ذلك الوقت، كما روى هيرودوت في الكتاب الثاني الفقرة 108، قال:
لما رجع سيزوستريس إلى مصر من البلاد التي غزاها، عاقب أخاه، واستخدم جموع الأسرى الذين أحضرهم معه في جر الأحجار التي نقلت إلى معبد فولكان، وبعد ذلك أمر هؤلاء الأسرى أن يحفروا جميع الترع المنبثة في نواحي القطر والباقية إلى الآن. وهذا العمل الذي قاموا به طوعا أو كرها جعل السير بالخيل والعربات غير مستطاع فيه، وكان قبل ذلك ممكنا في كل وجهة منه، فأمست مصر مع كونها مستوية السطح لا خيل لديها ولا عجل، والسبب في ذلك كثرة عدد ترعها ومساقيها وتعاريجهما، وإليك السبب الذي من أجله قرر الملك تقطيع أوصال مملكته بهذه الكيفية:
نامعلوم صفحہ