وكان جان أكثرهم تمرينا وأحذقهم رماية؛ فشك ثمانية خناجر حول رأس الرجل، فأصبحت شبه تلك الدائرة التي يرسمها المصورون من نور حول رءوس القديسين.
ولما فرغ من ذلك ذهب إلى المصلوب فانتزع الخناجر من حول رأسه، وقال لرفاقه: لقد جاء دوري الآن؛ فإني غبت يومين عن المضرب.
ثم وقف في موقف ذلك المصلوب، وأمرهم أن يبدءوا التمرين به، فانبرى واحد من الحضور ورماه بأربعة خناجر أصاب بها المرمى، ووقعت بجانب رأس جان في اللوح.
ثم رمى الخنجر الخامس، فأصاب قبضة أحد الخناجر المغروسة وهي من العاج، فزلف عنها وأصاب كتف جان.
وقد صاح الجميع صيحة رعب، ولكن جان لم يتحرك من موضعه، وتمتم بضع كلمات بصوت منخفض.
ورأى الطبيب بولتون ما كان، وأيقن أنه مصاب بجرح بالغ، فشق الزحام بعنف ووصل إليه.
أما النور فلم ينذهلوا حين رأوا الطبيب، فقد رأوه مرارا في سراي الحاكم حين كانوا يلعبون فيها هذه الألعاب.
أما الطبيب فإنه أسرع إلى إبعادهم عن جان ومزق قميصه، وحاول أن يفحص الجرح.
ولكن جان اصفر وجهه ووهت رجلاه؛ فطوقه الطبيب بذراعيه كي لا يسقط، ونظر إلى الجرح فرأى أن رأس الخنجر قد كسر ودخلت قطعته في كتفه، فقال لهم: أسرعوا بحمله إلى خيمته؛ فإني لا أستطيع معالجته هنا.
فركضوا إليه يحاولون حمله، ولكنه أبعدهم عنه وقال لهم: دعوني؛ فإني أستطيع الوصول إلى الخيمة وحدي.
نامعلوم صفحہ