الفصل الرابع
فيما جرى في قصر الملك
وكان الملك «أستياج» في صباح تلك الليلة جالسا في غرفته الخصوصية ينتظر حضور ابنته كعادتها فلم تحضر، فانشغل فكره بأمرها، وظن أنها وضعت لعلمه بقرب أيام الوضع، وبينما هو كذلك يضرب أخماسا لأسداس، ويدبر حيلة يهلك بها الطفل، وإذا بالجارية الموكلة بحفظ «مندان» ومراقبة ولادتها قد دخلت على الملك مرتجفة الأعضاء منحلة العزائم شاحبة اللون. ولما رآها الملك على هذه الصورة قال: ما وراءك أيتها الجارية؟
قالت: حدث أمر أوجب القلق، وحير الأفكار، وهو أن سيدتي «مندان» قد فقدت في هذه الليلة، وقد بحثنا في كافة أنحاء القصر، فلم نقع لها على خبر، ولا وجدنا لها أثرا! فلما سمع الملك هذا النبأ طار عقله من دماغه، وقال: علي بالوزير «أرباغوس».
ولما حضر قال له الملك: انظر أيها الوزير ماذا جرى «لمندان»، وكيف خرجت من القصر، ولا أعلم كيف خرجت، ولا إلى أين ذهبت؟! فأرسل الآن فرقة من العساكر لأجل أن تمسك عليها الطريق حتى لا يتسنى لها الهرب.
فقال الوزير: لا يمكن أن تكون خرجت من المدينة، فلنبث العيون في أنحائها لعلنا نقع لها على خبر.
وكان قصد الوزير بذلك انشغال العسكر بالتفتيش داخل المدينة؛ لبينما تكون قد سلكت طريق السلامة، ثم استأنف الكلام، وقال: وإذا أراد سيدي أن أمسك الأبواب على المارة؛ لئلا تخرج في هذا اليوم من المدينة؟
فقال الملك: نعم ما رأيت أيها الوزير! ولكن أسرع قبل فوات الوقت. فسار الوزير وأصدر أوامره على العساكر، فانبثت في أنحاء المدينة، يفتشون المنازل والطرق والحارات، ومنهم من أمسك الأبواب السبعة، ولم يزالوا كذلك إلى ما بعد الغروب، فلم يجدوا لها خبرا، ورجعوا إلى الملك بخفي حنين!
فغضب الملك غضبا شديدا، ودخل إلى حجرته حزين القلب باكي العين، ولم يجسر أحد من الناس أن يكلمه في شيء ما.
وكنا أسلفنا أن أحد الحراس قد تعرض للوزير حين خروج «مندان»، وكان بينه وبين الوزير حقد قديم.
نامعلوم صفحہ