ملامتیہ صوفیہ اہل فتوہ
الملامتية والصوفية وأهل الفتوة
اصناف
حيث يقول: «فأما المشايخ الذين أدركناهم وعاصرناهم وإن لم يتفق لنا لقياهم، مثل الأستاذ الشهيد لسان وقته وأوحد عصره أبي علي الحسن بن علي الدقاق، والشيخ نسيج وحده في وقته أبي عبد الرحمن السلمي إلخ، فلو اشتغلنا بذكرهم وتفصيل أحوالهم لخرجنا عن المقصود في الإيجاز، وغير ملتبس من أحوالهم حسن سيرهم في معاملاتهم.» وقد مات القشيري سنة 465ه، أي بعد وفاة السلمي بثلاث وخمسين سنة.
أما أبو بكر البيهقي فهو أحمد بن الحسين بن علي بن عبد الله بن موسى الحافظ النيسابوري الخسرجردي،
25
كان من فحول الحفاظ الذين أخذوا عن السلمي وتتلمذوا له، وكان محدثا كبيرا ومؤلفا في مذهب الشافعي لا ند له، شهد له إمام الحرمين شهادة لم يشهدها لشافعي غيره فقال: «ما من شافعي إلا وللشافعي في عنقه منة إلا البيهقي، فإن له على الشافعي منة لتصانيفه في نصرة مذهبه.»
26
وليس للبيهقي أثر في التصوف وتاريخه مثل ما للقشيري، فإن كان للسلمي فضل عليه فذاك في علم الحديث الذي يعد البيهقي من فحول رجاله. وقد مات البيهقي سنة 458ه، أي بعد وفاة السلمي بست وأربعين سنة.
ويجب أن نعتبر أيضا من تلاميذ السلمي الحافظ الكبير أبا نعيم الأصفهاني صاحب الحلية، وإن لم يذكر مترجموه أنه روى عن السلمي مباشرة، ولكن أبا نعيم نفسه يعترف بفضل السلمي عليه وأخذه أخبار الصوفية عنه، ويشهد فيه شهادة تبرئه من كثير مما ألصقه به بعض الناقمين عليه. يقول أبو نعيم:
27 «وهو (أي السلمي) أحد من لقيناه وممن له العناية بتوطئة مذهب المتصوفة وتهذيبه ... وسأقتفي في باقي الكتاب من ذكر التابعين حذوه، إذ هو شرع في تأليف طبقات النساك.» فأبو نعيم يعد نفسه صراحة من تلاميذ السلمي في مادته ومنهجه. والناظر في ترجمات المشايخ المشتركة بين حلية أبي نعيم وطبقات السلمي يدرك مدى انتفاع صاحب الحلية بمؤلف الطبقات في طريقته في عرض تراجم الصوفية واقتباس الأقوال المأثورة عنهم، وإن كان لأبي نعيم أسلوبه الخاص به، وهو أسلوب يمتاز بالإطناب والمبالغة في وصف عجائب الصوفية وكراماتهم.
على أن السلمي من ناحية أخرى قد روى عن أبي نعيم مع تقدمه في السن عليه، إلى حد أن السبكي يعد أبا نعيم من مشايخه،
28
نامعلوم صفحہ