ملک فی منفی عمر

صلاح ہلال d. 1450 AH
54

ملک فی منفی عمر

ملك في منفى العمر

اصناف

عندما زرته بعد أيام، كان جالسا عند وصولي إلى طاولته وحده يغني. انتظرت قليلا ثم جلست إليه. تحدثنا ولعبنا لعبة مصارعة الذراعين، واندمج بشدة، حتى إن وجهه الجامد استطاع أن يرسم بسمة. وكانت الفرحة ظاهرة عليه، ولم يبد كإنسان مجبر على تحمل الحياة، وكان مرحا بالرغم من حالته الصحية، وأهم شيء هو أنه كان سعيدا.

قلت له: «كم أنت قوي جدا!»

ابتسم مجددا وقال: «ربما لست قويا بما يكفي كي أدفن أحدا في الثلج، ولكني لست هزيلا. أردت أن أريك ذلك، وإلا لما كنت فعلته.»

ثم أردف قائلا: «ليس أمامنا إلا أن ندافع عن أنفسنا، وإن لم نفعل فسنضيع.» •••

لا يمكن اعتبار معاناة أبي من مرض ألزهايمر بمثابة مكسب له، إلا أن أولاده وأحفاده قد تعلموا من خلاله الكثير، وهذا دور الآباء والأمهات أن يعلموا أولادهم.

كما يعد التقدم في العمر، بوصفه آخر مراحل الحياة، شكلا ثقافيا يتغير بصورة دائمة ويجب إعادة تعلمه باستمرار. وإذا كبر الأب ولم يعد قادرا على تعليم أولاده شيئا جديدا فعلى الأقل يمكنه أن يعلمهم معنى أن يكبر المرء ويمرض. وإذا توافرت الشروط الجيدة، فإن هذا سيعني أيضا علاقة أبوة وبنوة قوية؛ إذ لا يمكن أن نتدرب على مقاومة الموت إلا ونحن أحياء.

قالت ألكسندرا إن جدها السيد بيرلينجر يشكو من سوء المعاملة، فحاولت أمها عندما زارته أن تقنعه بأن هذا لا يحدث. بعد قليل حضرت ممرضة لتبدل له قناع الأكسجين وقالت له: «يا سيد بيرلينجر، سأدخل هذا الأنبوب في أنفك، وسيدغدغك قليلا.»

عندها نظر جدها إلى زوجة ابنه وهز رأسه عدة مرات بطريقة اختلط فيها الغضب بالإحباط، ثم قال: «أرأيت ... إنهم يدغدغونني هنا!»

كانت جدة العمة ماريانا، زوجة روبيرت، مريضة بمرض ألزهايمر هي الأخرى، وكانت تقول دائما: «الوضع في رأسي يشبه برميل الزبد؛ يدور ويدور، ولا أستطيع أن آخذ منه زبدا بالرغم من ذلك.» اضطرت العمة - وهي أكبر إخوتها السبعة - إلى النوم معها، حتى بدأت تجري حوارات غريبة. نشأ عندها جنون منتظم؛ ذات مرة كان القس في زيارتهم، وعندما هم بدخول غرفتها صرخت: «لن يدخل هذا القس القميء هنا! هذا الشيطان!»

وحكت لي صديقتي كاتارينا عن جدها الذي كان أيضا مريض ألزهايمر قائلة: عندما حضر الابن الأكبر على دراجته انتظر الجد حين لم يلحظه أحد وتسحب إلى الدراجة وركبها وانطلق بها.

نامعلوم صفحہ