ملک فی منفی عمر

صلاح ہلال d. 1450 AH
38

ملک فی منفی عمر

ملك في منفى العمر

اصناف

الفصل السابع

في الأيام الباردة أو الممطرة في السبعينيات كنا نجلس حول الطاولة في المطبخ ونلعب «لعبة الحياة»، وهي لعبة تتكون من لوح خشبي ومجموعة من القطع، ويمكن تحقيق مكسب مادي عند الفوز فيها، ومسموح للأطفال فوق العاشرة بلعبها. كانت على اللوح الخشبي رسومات ملونة تتعلق بالسن ومرحلة الحياة، يقوم اللاعب بإدارة عجلة الحظ ويتبع الطريق الذي تفرضه عليه العجلة: التعليم، السفر، الزواج، النجاح، الفشل، المنازل التي كانت تبنى وكانت تحترق بعد ذلك، الفشل في العمل، اكتشاف حقل بترول، خسائر في البورصة، اليوبيل الفضي للزواج، بلوغ سن التقاعد. لم ندرك وقتها أن الطريق الذي كان علينا قطعه في اللعبة لا يعتبر شيئا مقارنة بالحياة، كما لم نتصور مدى تعلق الفشل والنجاح بالحظ.

عندما كان أحد اللاعبين يصاب بحادث في اللعبة أو يضطر للتوقف عن اللعب بسبب المرض، كنا نضحك في بهجة. •••

وبدأ أبي يفقد قدرته على التوجه المكاني شيئا فشيئا؛ فكان يخرج ماشيا في الجوار في جنح الليل مرتديا ملابس النوم، وخفنا أن يصيبه مكروه؛ لذا قررنا توفير رعاية له على مدار الساعة؛ فبدأنا في غلق الباب المؤدي إلى الدرج ليلا.

وقد استطاعت السيدات السلوفاكيات اللاتي كن يأتين إلى بيتنا لرعايته تنظيم حياته اليومية، بعد أن كان تغير الأشخاص الذين يحضرون إلى غرفة نومه صباحا يصيبه بالحيرة. فتحسنت حالته في غضون فترة وجيزة، ولاحظنا كيف بدأ يستعيد نشاطه، وارتبطت بذلك حقيقة أن المرض كانت حدته تخف كلما تقدم، وبدأ بالنسبة إلى أبي العصر الذهبي لمرض ألزهايمر.

كل مريض ألزهايمر يختلف عن الآخر، والتعميمات عادة تكون غير دقيقة، ولكن الأمر المشترك بين مرضى ألزهايمر جميعا هو عدم إمكانية ثبر أغوارهم؛ فكل مريض حالة مفردة، له قدرات ومشاعر ومسار مختلف لمرضه.

في حالة أبي سار المرض ببطء، وبقدر عدم إدراكه لسوء حالته بقدر ما خف تأثير المرض على حالته المزاجية. ورغم إدراكه المرض في البداية فإنه لم يخف منه خوفا شديدا؛ فقد تقبل قدره بارتياح؛ مما جعل موقفه الداخلي الإيجابي دائما يظهر بوضوح.

وأصبح من النادر أن يهيم على وجهه في البيت دون وجهة، ولكن ظلت هناك مواقف يطلب فيها الذهاب إلى البيت، إلا أن هذا الطلب لم يعد مصحوبا بحالات الهلع التي كانت تصيبه من قبل. كان صوته عادة يخرج هادئا وكأنه إنسان يعلم أن نهاية الحياة دائما تكون سيئة؛ ومن ثم فلا داعي للانفعال.

وعندما أصابه الملل ذات مرة من انتظار أي شخص يأخذه إلى البيت قال: «سأذهب الآن إلى البيت. هل ستأتي معي أم ستبقى هنا؟»

فأجبته: «سأبقى هنا.» «إذن سأذهب وحدي؛ فبم سيفيدني الانتظار هنا؟ من يعلم؟ ربما سأذهب إلى البيت في شهر نوفمبر، وربما اضطررت لدفع مبلغ ما؛ لذا الفرصة الوحيدة المتاحة أمامي هي التوجه إلى البيت فورا.» «إذن، فاذهب!» «هل مسموح لي أن أذهب؟» «إذا كنت تريد ذلك، فأنت حر.» «أمر آخر، هل يمكن أن آخذ معي أقربائي؟» «بالتأكيد، خذهم معك.» «حسنا، شكرا لك.»

نامعلوم صفحہ