مخطوطات البحر الميت وجماعة قمران
مخطوطات البحر الميت وجماعة قمران
اصناف
وأنه أضل كثيرين فشيد مدينة بالدم وأنشأ جماعة بالنفاق.»
49
وتذكر هذه النصوص أيضا أن الكاهن الكاذب اشتهر أولا بالصدق، فلما تولى الحكم في إسرائيل تجبر وابتعد عن الله وأخلف، فخان عهد الله طامعا في المال، فجمعه كالأشرار فصادر أملاك الشعب مكدسا فوق رأسه جزاء الذنوب.
50
وهكذا فإن هذا الكاهن الكاذب يبدو في نصوص قمران كاهنا حاكما محاربا مصادرا مشيدا يقع في النهاية في يد أعدائه، فيلقى عذابا أليما ويموت موتا. وهي أخبار لا تنطبق على سيرة شخص بقدر ما تتفق مع أخبار يوناثان المكابي (160-142) خامس أبناء متتيا وخلف يهوذا، فإن يوناثان خرج من المحنة التي حلت باليهود بعد موقعة بير زيت حيث لقي يهوذا حتفه وتمكن بغزواته في شرق الأردن. وفي البقاع من جمع مقادير من الأموال، ثم قضت ظروف ديمتريوس الملك الهليني بأن يتقرب من يوناثان، فأذن له أن يجمع جيوشا ويتسلح بالأسلحة، فأقام يوناثان في أوروشليم، وطفق يبني ويجدد المدينة.
وسمع الإسكندر بن بالاس خصم ديمتريوس بالمواعيد التي عرضها ديمتريوس على يوناثان، فكتب إلى يوناثان يقيمه كاهنا أعظم في أمته، وأرسل إليه أرجوانا وتاجا من ذهب (152)، ثم قائدا وشريكا (150-149).
51
وهكذا فإن يوناثان ظل حتى السنة 150 قبل الميلاد متبعا سياسة والده وأخيه محافظا على استقلال إسرائيل، ساعيا لإقامة الحق وتطبيق الناموس وإعادة الملك لله، ثم غرر بنفسه فتدخل في سياسة الدولة السلوقية المجاورة، وطمع في استغلال ظروفها الداخلية الحرجة، فقبل رئاسة الكهنوت من يد ديمتريوس الملك الوثني، وحاكمية سورية من يد أنطيوخوس السادس، فأمسى في نظر المقدسين المتزمتين من اليهود خارجا على التعاليم السماوية، متخليا عن الإله العلي، جاحدا. ووجد يوناثان من أيده في سياسته الزمنية غير الدينية التي أفسد بها الهدف المقدس، فهب الأتقياء المقدسون يقاومون خدام الدنيا وأباطيلها وأعمال الخداع والخيانة.
52
وتزعم هذا الاستياء الشديد جماعة من الكهنة أغاظهم تحول الكاهن الأعظم إلى قائد مأجور، وقام أحدهم «معلم الصدق» يوجب مقاطعة الخونة، ويؤكد أن تحقيق الهدف الرباني لا يمكن أن يتم إلا بالابتعاد والانفصال عن الجاحدين الأثمة، وعندئذ تم الخروج الذي ورد ذكره في مخطوط دمشق، واستقر «المعلم» وأتباعه في قمران معتزلين متنسكين، واهتم يوناثان لهذا التصدع في الصفوف وهذه المقاومة السلبية، فنزل هو نفسه إلى قمران لتسوية الأمور ولم الشعث. ولعله هدد وتوعد ولكنه لم يفلح. وفي السنة 143 قبل الميلاد تمكن تريفون القائد، يمين ألكسندروس بالاس ومؤيد ابنه أنطيوخوس السادس، من القبض على يوناثان في عكة ونقله إلى أنطاكية حيث أمر به فقتل.
نامعلوم صفحہ