مخطوطات البحر الميت وجماعة قمران
مخطوطات البحر الميت وجماعة قمران
اصناف
الآثار المخطوطة
وتعيين الزمن الذي تعود إليه الآثار المخطوطة التي وجدت في كهوف قمران، ووادي المربعات وخربة المرد يوجب تبيان الزمن الذي وضعت فيه الآثار في كهوفها، وتحديد الزمن الذي كتبت فيه، وتعيين زمن تأليفها. ويلاحظ هنا أن اهتمام الجماهير لهذه المخطوطات وإقدام الجرائد والمجلات على نشر أخبارها بدون تبصر أو روية، وما نجم عن ذلك من اختلاف في الرأي وحماس في الجدل، اضطر بعض العلماء إلى إبداء رأيهم قبل اكتمال البحث، فزادوا بذلك الطين بلة. ويلاحظ أيضا أن بعض دور النشر في أميركة وأوروبة لا تزال تنظر إلى أمر هذه المخطوطات من الناحية التجارية فقط، فتدفع إلى واجهات المخازن بكل ما من شأنه أن يثير الخواطر، ويستفز النفوس ليزداد البيع وتتكادس الأرباح.
درج الدروج
والنظر في الزمن الذي درجت فيه هذه الدروج في كهوفها يستوجب الإجابة عن السؤال: لماذا وضعت هذه الدروج في هذه الكهوف؟ وقد تخالف العلماء في هذا الأمر، فأصر سوكينيك العالم اليهودي على أن الكهوف «جنازات» سترت فيها كل نسخة وجب إهمالها، وأشار لهذه المناسبة إلى درج نبوة أشعيا الذي وجد في كهف قمران الأول وإلى الفوارق بين نصوصه والنصوص المألوفة، ووجوب إهماله ووضعه في جنازة. وأضاف أنه لا بد من جنازة أو جنازتين لكل كنيس تحفظ فيهما الأسفار المهملة، وتدفن بكل وقار واحترام بعد تكاثرها. والجنازة في العبرية والعربية واحدة؛ فهي مشتقة من الثلاثي جنز، ومعناه جمع وستر، ولا يخفى أن الجنز في العربية هو البيت الصغير من الطين، وأن أصل المعنى في هذه المادة كلها هو الإخفاء والكنز.
الدرج النحاسي.
وأيد هنري دل ماديكو
Del Medico
البندقي القسطنطيني رأي زميله سوكينيك، فقال: إن الأقمشة التي لفت بها هذه الدروج إنما هي أكفانها، وإن الدروج ألبست هذه الأكفان؛ لأنها اعتبرت كتبا ميتة. وأضاف أن التقليد قضى بدرج الأسفار المشوهة والكتب المنتحلة في جنازات من نوع ما تقدم. وأشار إلى اهتمام المعلم سمعان بن غملائيل في القرن الأول بعد الميلاد لجمع رسائل الأنبياء الكذبة الذين حرضوا اليهود على الثورة الأولى ضد رومة، ولدرجها في مخابئ بعيدة عن متناول القوم، وقال: إن المعلم غملائيل الثاني (92-100) بعد الميلاد أمر بمثل ما تقدم ذكره بعد سقوط أوروشليم وخراب الهيكل. وارتأى دل ماديكو أن تكون هذه هي الظروف التي أدت إلى درج الدروج في كهوف قمران.
5
ورأى معظم العلماء غير ما رآه سوكينيك ودل ماديكو، فقالوا: إن هذه الدروج إنما درجت في كهوفها ضنا بكرامتها وحرصا عليها، وإنها لا بد أن تكون قد خبئت في ظرف عصيب حل بأصحابها كحرب كاسحة أو اضطهاد شديد. ثم اتسعت أعمال الحفر والتنقيب فاتسع أفق العلماء معها، وتبين أن هذه الكهوف حوت مئات المخطوطات، وأن بعضها كالدرجين النحاسيين، كانا من نوع لا يجب تحذير الرجوع إليه. وعثر المنقبون في السنة 1951 في خرائب قمران على جرار من الفخار تتفق كل الاتفاق مع الجرار التي وجدت في الكهوف من حيث الشكل والصنع. ووجد العلماء مع هذه الجرار نقودا تعود إلى أواخر القرن الأول قبل الميلاد وإلى النصف الأول من القرن الأول بعد الميلاد. ودقق الدكتور أولبرايت
نامعلوم صفحہ