عهد الْأَئِمَّة الماضيين وهم على ذَلِك يجمعُونَ على أَن ضرب السَّيْف تَحت كل راية مَعَ كل أَمِير بر أَو فَاجر مَاض فِي كل عصر وَفِي كل زمَان لَا يتَخَلَّف عَن ذَلِك إِلَّا مُخطئ أَو جَاهِل وَطَائِفَة اخْتَارَتْ الرِّبَاط إِلَّا أَن يكون لأهل الْإِسْلَام حَاجَة من إِظْهَار الْعَدو وطلبهم ودخولهم إِلَى دَار الْإِسْلَام فأوجبوا ضرب السَّيْف فِي هَذَا الْحَال حَتَّى إِذا استغنت الْأمة عَن ذَلِك رجعُوا إِلَى مَا اعتقدوه من الرِّبَاط وَاحْتَجُّوا بِأَن ذَلِك فِي آخر الزَّمَان أفضل وَرووا فِي ذَلِك أَحَادِيث واستعملوا لَهَا مقاييس وَهَذِه الطَّائِفَة غلطها كثير
وَأكْثر الْعلمَاء والأغلب فِي جَمِيع الْأَمْصَار يرَوْنَ الْغَزْو وَالْحج وَالشِّرَاء وَالْبيع والمعاملات والوكالات والصنائع مَاضِيَة أبدا مذ كَانَ أول الْإِسْلَام إِلَى آخر عِصَابَة يُقَاتلُون الدَّجَّال لَا يضر المتقي الْحَافِظ لدينِهِ جور جَائِر وَلَا ظلم ظَالِم إِذا مَكَان فَقِيها متخلصا فِي تِجَارَته وصنعته يكابد أَن يسلم من أكل الشُّبْهَة وَغير ذَلِك يجاهده بِالنَّفَقَةِ
والمكاسب لَا تفْسد بجور الْأَئِمَّة إِنَّمَا تفْسد بترك اسْتِعْمَال الْفِقْه وَالْعلم
وَقد تقدم فِي صدر هَذِه الْأمة من الْفِتَن وَالِاخْتِلَاف والتفرق وَالنَّاس يشْتَرونَ ويبيعون وَقد قتل أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان ظلما وعدوانا وَالنَّاس يتجرون فِي تجاراتهم بِالْمَدِينَةِ وَغَيرهَا وفتنة الْجمل وصفين وَابْن الزبير وَالْعراق والجماجم بِالْبَصْرَةِ والكوفة وَفِي جَمِيع الْعرَاق وخارجها ونواحي الْأَطْرَاف وَالنَّاس يشْتَرونَ ويبيعون
وَبعد فتْنَة مُحَمَّد الْأمين والمأمون الَّتِي قَامَت بِالشَّام ثَمَانِي عشرَة سنة وبالعراق أَربع سِنِين وَفِي سَائِر الْبِلَاد أَيْضا وَالْفُقَهَاء وَالْعُلَمَاء فِي كل بلد والمحدثون يَوْمئِذٍ متوافرون وَالنَّاس يبيعون ويشترون لَا يُنكر ذَلِك
1 / 70