حَال بوليها والقائم عَلَيْهَا بِمَا كسبت والعالم بهَا فِي مَكْنُون ضميرها
لَا يفترون فِي سَعْيهمْ عَن مواصلته وَلَا يقصرون عَن شَيْء أَمر بِهِ من حَيْثُ بلغته الْعُقُول المذكاة بفطن الْفَهم عَنهُ وأوصل إِلَيْهِ غليان الْعلم والمعرفة بِهِ
وَكَانَ سَعْيهمْ فِي الْكسْب على وَصفنَا من أفضل الْقرب إِلَى سيدهم وأخص الْأَعْمَال فِي حَال مَنَازِلهمْ
فَكَانَت إِقَامَة الشّغل بِهِ عَلَيْهِم آثر عِنْدهم من التشاغل بِغَيْرِهِ لما بَان من فضل مُوَافَقَته فِيمَا دَعَا إِلَيْهِ وَأمر بِهِ
فَهَذِهِ صفة سَعْيهمْ وَلم يكن السَّعْي فِي ذَلِك قادحا فِي صفاء الذّكر الْقَائِم لَهُم وَلَا منقصا مَا خصوا بِهِ من حَال قرب الْقُلُوب ومراتبها وَحَال الْمنَازل المرجوة لَهُم من السَّيِّد الْكَرِيم فَهَذِهِ صِفَات حركات الصديقين والأولياء فِي المكسب
وَالدَّلِيل على ذَلِك فعل أبي بكر الصّديق وَعمر الْفَارُوق وَعُثْمَان ذِي النورين وَعلي بن أبي طَالب وَأكْثر أَصْحَاب النَّبِي ﷺ من المختارين لصحبته المنتخبين لمعونته سرج الأَرْض ومصابيحها وزهرة الدُّنْيَا وَزينتهَا المقدمين بِالْفَضْلِ على خَواص الْأُمَم السالفة والسابقين غَدا بِالطَّاعَةِ فِي الْآخِرَة خلف الْأَنْبِيَاء ﵈ وأئمة الْحق وَحَملَة الْعلم ومعادن الْحِكْمَة ومناهل التَّقْوَى والقوام بنوائب الدّين وشرائعه الَّذين بَين الله ﷿ فَضلهمْ بباطن الْحِكْمَة على لِسَان نبيه ﷺ فَقَالَ ﷿ ﴿مُحَمَّد رَسُول الله وَالَّذين مَعَه أشداء على الْكفَّار رحماء بَينهم تراهم ركعا سجدا يَبْتَغُونَ فضلا من الله ورضوانا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم من أثر السُّجُود﴾
1 / 34