بسم الله الرحمن الرحيم PageV0MP010
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم أنبيائه محمد وآله الطاهرين.
وأما بعد:
فمنذ أن التحق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالرفيق الأعلى بدأ الاختلاف في وجهات النظر الفقهية، انطلاقا من الاختلاف في الإمامة الكبرى وما استتبعه من الاختلاف في الأصول التي يبتني عليها الفقه، كالسنة والإجماع والاجتهاد والقياس ونحو ذلك، فإن الاتجاه المخالف للاتجاه الفقهي لأهل البيت عليهم السلام بدأ بطرح فكرة حجية الإجماع - بطريقته الخاصة - والاجتهاد بالرأي والقياس وما شابهها، بينما كان أهل البيت عليهم السلام يرفضون ذلك كله لأسباب يطول شرحها.
وأما السنة، فلما كانت السنة المنقولة عن الإمام عليه السلام - عندهم - كالسنة المنقولة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهي حجة لو ثبتت بطريق موثوق به.
وعلى هذا الأساس صار لأهل البيت عليهم السلام فقه مستقل مستلهم PageV0MP011
من الكتاب الكريم والسنة النبوية المودعة عند أئمتهم عليهم السلام.
ولم تتسع هوة الخلاف بين الاتجاهين بصورة كاملة في الصدر الأول لعاملين، وهما: قرب العهد بعصر النصوص، وعدم اعتماد الاتجاه الآخر على الأصول المرفوضة لدى أئمة أهل البيت عليهم السلام كثيرا، بل كانت فتاوى الإمام علي عليه السلام هي المرجع الوحيد في ما يستجد من قضايا وأحداث كان يعجز الآخرون عن بيان حكمها الشرعي، فهذا عبد الرزاق يحدثنا في مصنفه عن نافع مولى ابن عمر، عن أسلم مولى عمر: أن رجلا سأل عمر عن بيض النعام يصيبه المحرم، فقال له عمر: أرأيت عليا؟ فاسأله، فإنا قد أمرنا أن نشاوره (1).
ومع ذلك كله نرى - ومع الأسف - أن الفقه المنقول عن غيره في كتب العامة أكثر مما هو منقول عنه، والأسباب غير خفية على المتأمل.
وعلى أي حال، فقد تجسد هذا الاستقلال بوضوح أيام الإمامين:
الباقر والصادق عليهما السلام حيث سمحت لهما الظروف بإظهار فقه أهل البيت عليهم السلام، لأنهما عاشا الفترة الانتقالية للحكم من الأمويين إلى العباسيين، فقد كثر تلامذتهما، واشتهر أن تلاميذ الإمام الصادق عليه السلام كانوا أكثر من أربعة آلاف، انتشروا في البلاد الإسلامية، وكان أكثر تمركزهم في مدرستي المدينة والكوفة، فقد روي عن الحسن بن علي الوشاء قوله: " لو علمت أن هذا الحديث يكون له هذا الطلب لاستكثرت منه، فإني أدركت في هذا المسجد - أي مسجد الكوفة -
PageV0MP012
تسعمائة شيخ، كل يقول: حدثني جعفر بن محمد... " (1).
وقد تمكن هذان الإمامان من وضع الأسس العامة للاجتهاد الصحيح، كالقواعد الأصولية، مثل: الاستصحاب، والبراءة، والاحتياط، وأحكام التعارض بين الأخبار، والتسامح، ونفي الضرر ونحو ذلك، وكالقواعد الفقهية، مثل: قاعدة اليد، وسوق المسلمين، والضمان، والإتلاف، وأصالة الصحة (حمل فعل المسلم على الصحيح) وعشرات بل مئات القواعد الأخرى.
ولم يكتف الأئمة بذلك، بل كانوا يدربون تلامذتهم على الاستنباط والاجتهاد الصحيح، فقد روي عنهم عليهم السلام قولهم: " علينا إلقاء الأصول، وعليكم التفريع " (2).
وهكذا أخذ الفقه الإمامي يتسع رغم تزايد الضغوط بعد الإمام الصادق عليه السلام بحيث كان من الصعب التوصل إلى الأئمة لأخذ العلم عنهم، ورغم ما كانت تبذله السلطات من جهود متواصلة لإبعاد الناس عن أبواب الأئمة عليهم السلام، وكان من جملتها تأييد المتفقهة المخالفين لهم، وإرجاع عامة الناس إليهم.
انتهى دور الحضور ولم يتجاوز التفكير الفقهي الإمامي حدود تفسير النصوص التي جمعها أصحاب الأئمة في أصولهم الروائية، واستمر الأمر كذلك حتى اتسعت دائرة التفكير الفقهي شيئا فشيئا، وأخذت الكتب الفقهية تستقل عن كتب الحديث، فكتبت المجاميع الحديثية
PageV0MP013
المستقلة ك " الكافي " و " من لا يحضره الفقيه " و " التهذيب " و " الاستبصار "، ودونت مجاميع فقهية مستقلة أيضا، وقد دونت هذه المجاميع على نحوين:
الأول - الكتب الفقهية التي اقتصرت على تلخيص الروايات وحذف أسانيدها من دون تفريع فروع زائدة على ما ورد فيها ك " المقنع " و " الهداية " للشيخ الصدوق قدس سره و " المقنعة " للشيخ المفيد قدس سره و " النهاية " للشيخ الطوسي قدس سره وغيرها.
الثاني - الكتب التي لم تقتصر على ذلك، بل أخذت تتوسع في التفريع والاستنباط بالاستعانة بالطرق الاجتهادية الصحيحة.
وكان الرائد لهذه الطريقة القديمان: الحسن بن أبي عقيل العماني، وابن الجنيد أبو علي الإسكافي (1)، وهما من أعلام القرن الرابع، فقد ألف الأول كتابه " المتمسك بحبل آل الرسول "، والثاني " تهذيب الشيعة لأحكام الشريعة " و " المختصر الأحمدي ".
فكان لهذين الفقيهين الدور الفعال والمؤثر في إشاعة الطريقة الاجتهادية وإن كان المعروف عن ابن الجنيد أنه كان يعمل بالقياس، إلا أن لأهل التحقيق بحثا حول النسبة ومفادها لا يسعنا التعرض له فعلا.
وقد حذا حذوهما الشيخ المفيد قدس سره فإنه وإن كان ينتقد ابن الجنيد أخذه بالقياس حسبما نسب إليه إلا أن طريقة تفكيره تدل على تبنيه للخط الاجتهادي وإن كان كتابه " المقنعة " على منهج الكتب المقتصرة
PageV0MP014
على متون الروايات كما تقدم.
وتمخضت طريقة المفيد الاجتهادية عن شخصيات فقهية كان لها دور كبير في تطوير الفقه الإمامي، كالسيد المرتضى والشيخ الطوسي قدس سرهما، فقد ألف السيد المرتضى كتابه " الذريعة " في أصول الفقه، و " الانتصار " و " الناصريات " وغيرهما في الفقه.
وأما شيخ الطائفة الطوسي قدس سره فقد كان دوره في ترسيخ قواعد الفقه الاجتهادي من حيث النظرية والتطبيق أكثر من غيره، فقد ألف كتابه " العدة " في أصول الفقه، و " المبسوط " في الفقه، وقد صرح بهذا الانقلاب في مقدمة " المبسوط ".
واستقرت هذه الطريقة بين الفقهاء وأخذت تتكامل رغم العقبات العديدة التي واجهتها.
وكان للفقهاء الكبار أمثال ابن إدريس والمحقق والعلامة والشهيدين والمحقق الثاني ومن تأخر عنه الدور الكبير في ترسيخ الفقه الاجتهادي، وخاصة الوحيد البهبهاني (م 1205) الذي كان له الدور المشرف في القضية بعد أن حاولت الطريقة الأخبارية اكتساح الطريقة الاجتهادية من جذورها، ثم تلاه تلامذته وتلامذة تلامذته إلى أن وصل الدور إلى العلامة المؤسس الشيخ الأعظم الشيخ مرتضى الأنصاري قدس سره.
وليس من الجزاف إذا قلنا: إن ما قام به الشيخ الأنصاري قدس سره يشابه (1) ما قام به الشيخ الطوسي قدس سره، فإن الشيخ الطوسي قام
PageV0MP015
بانقلاب في الأصول والفقه بصورة عامة في أوائل تأريخ الفقه الاجتهادي، والشيخ الأنصاري قام بانقلاب في الأصول والفقه، وخاصة الفقه المعاملي، بعد حوالي ثمانية قرون.
إن الفقه وإن كان قد قطع شوطا كبيرا في القرن الثالث عشر بيد شيخ الفقهاء صاحب الجواهر قدس سره حيث إن كتابه احتوى من التحقيقات القيمة ما لا يستغني عنه فقيه حتى في اليوم الحاضر، إلا أن ما أتى به الشيخ الأنصاري قدس سره في خصوص الفقه المعاملي لم يأت به فقيه من قبله، ولسنا نريد أن نقول: إن كل ما أتى به جديد، فإن ذلك غير صحيح، كيف؟ وقد استفاد ممن تقدمه من الفقهاء، وهذه سنة العلم يأخذ المتأخر من المتقدم ويبني عليه، إلا أننا نقول: إن مجموع ما دونه في خصوص الفقه المعاملي من حيث المجموع وبهذه الكيفية والسعة والعمق، لم يأت به من سبقه، وهذا الأمر يحتاج إلى دراسة معمقة ليس بإمكاننا الدخول فيها - فعلا - ولكن سنقوم فيما يلي بمقارنة سريعة وخاطفة بين كتابي المكاسب والجواهر الذين لا يفصل بينهما فاصل زمني يعتد به، ونشير إلى بعض الفوارق بينهما.
وهذه الفوارق وإن كانت فوارق كيفية إلا أنها ربما تحكي عن فوارق جوهرية أيضا.
ومهما يكن فالفوارق التي يمكن ذكرها فعلا هي:
أولا - في كيفية الدخول في الموضوع:
إن الشيخ الأنصاري قدس سره حينما يريد الدخول في بحث ما، يقسم - غالبا - الموضوع الذي يريد أن يبحث فيه إلى أقسامه، ثم يدخل PageV0MP016
في كل قسم بالترتيب، وقلما نجده يدخل في موضوع مهم من دون مقدمة.
نعم قد يدخل في موضوع ما بالمناسبة واستطرادا ومن دون ذكر عنوان فيما إذا لم يكن من صميم الموضوع.
وأما صاحب الجواهر رغم أن كتابه شرح للشرائع، وهو من أحسن الكتب الفقهية تنظيما وتبويبا، لكن لما كان الفاصل الزمني بين تأليف الشرائع وتأليف الجواهر كبيرا، فإن ذلك يقتضي تضخم المطالب الفقهية وتوسعها وتكاملها، فلذلك كان اللازم على صاحب الجواهر أن يتعرض للموضوعات التي لم يتعرض لها في الشرائع، وقد فعل ذلك، لكنه ربما دخل في البحث فيها من دون أن يلتفت إلى كيفية دخوله فيها إلا أهل الدقة والنظر.
فمثلا: أن الشيخ الأنصاري قدس سره حينما ذكر النوع الرابع مما يحرم الاكتساب به، قال:
" النوع الرابع: ما يحرم الاكتساب به لكونه عملا محرما في نفسه، وهذا النوع وإن كان أفراده هي جميع الأعمال المحرمة القابلة لمقابلة المال بها في الإجارة والجعالة وغيرهما إلا أنه جرت عادة الأصحاب بذكر كثير مما من شأنه الاكتساب به من المحرمات، بل وغير ذلك مما لم يتعارف الاكتساب به، كالغيبة والكذب ونحوهما، وكيف كان فنقتفي آثارهم... " ثم ذكر الموارد واحدا واحدا إلى أن وصل إلى الغيبة فقال:
" الرابعة عشر: الغيبة حرام بالأدلة الأربعة... " فيدخل في البحث ابتداء من بيان الحكم، ثم الموضوع، ثم الشرائط، ثم المستثنيات. PageV0MP017
وأما صاحب الجواهر قدس سره فإنه لما لم يتعرض المحقق في الشرائع لموضوع الغيبة، للسبب الذي ذكره الشيخ، وهو: أنه لم يتعارف أن يقابل بالمال، فكر في منفذ يدخل منه في البحث عن الغيبة، فالتجأ إلى بحث " الهجاء " الذي ذكره صاحب الشرائع لتعارف أخذ الجعل والأجر عليه، فلما وصل - صاحب الجواهر - في بحثه إلى عدم حرمة هجاء الكافر و... قال: " وأولى من ذلك غيبتهم... " فدخل في بحث الغيبة من هذا المنفذ، فبحث في حكمها، ثم في موضوعها، ثم في مستثنيات الغيبة.
فنرى أن صاحب الجواهر دخل في هذا الموضوع المهم من دون أن يعنون له عنوانا مستقلا، ولذلك لا يلتفت إلى كيفية وروده ومحله إلا من تتبع الموضوع بدقة.
وما أكثر الموارد من هذا النمط في الجواهر.
ثانيا - في تنظيم البحث واستيعاب جوانبه:
إن الشيخ الأنصاري قدس سره حينما يريد الدخول في البحث عن موضوع ما يدخل فيه على أساس منهج معين قد يعلنه قبل الدخول في البحث، وقد لا يعلنه ولكن يلتزم به في بحثه، وعلى أي حال فهو يسير في البحث طبقا لمنهجية معينة، فلا يرجع إلى المرحلة التي اجتازها، نعم قد يكر في بحثه مع مراعاة المرحلية - أي في المرحلة الواحدة -.
وأما صاحب الجواهر فإنه لم يراع المرحلية في بحثه، فلذلك PageV0MP018
نراه يرجع إلى المرحلة التي اجتازها، ونرى في أبحاثه تموجا وظاهرة الكر والفر العلمي الكثير، وهذا مما يؤدي إلى صعوبة فهم الجواهر بخلاف المكاسب، فإنه مع غض النظر عن مستوى البحث العلمي الدقيق واحتياجه إلى الدقة والفهم، لا يصعب التوصل إلى ما يرومه الشيخ غالبا.
ولنذكر بيع الفضولي مثالا لهذه المقارنة (1):
عقد الفضولي في المكاسب:
إن الشيخ الأنصاري قدس سره حينما أراد الدخول في بيع الفضولي دخل فيه على النحو التالي:
1 " - فإنه قال إن من شرائط المتعاقدين أن يكونا مالكين أو مأذونين من المالك أو الشارع، ولذلك لا يترتب على عقد الفضولي ما يترتب على عقد غيره من اللزوم. ومن هنا دخل في بحث " عقد الفضولي ".
2 " - ثم بين أن مورد البحث هو " العقد " لا " الإيقاع ".
3 " - ثم عرف الفضولي.
4 " - ثم قسم البحث وقال: إن الفضولي قد يبيع للمالك وقد يبيع لنفسه، وعلى الأول قد لا يسبقه منع من المالك وقد يسبقه. فهنا مسائل ثلاث:
الأولى: أن يبيع للمالك مع عدم سبق منع منه.
5 " - واستدل له بعدم اشتراط سبق الإذن في صحة العقد،
PageV0MP019
وأن مقتضى الإطلاقات عدم الاشتراط، بل تكفي الإجازة اللاحقة.
6 " - ثم ذكر الاستدلال برواية عروة البارقي وصحيحة محمد ابن قيس وناقشهما.
7 " - ثم نقل الاستدلال على الصحة بفحوى صحة عقد النكاح من الفضولي في الحر والعبد، واستشكل فيه بأن الأمر على عكس ما استدل به، لأنه إذا صح في البيع فيصح في النكاح بطريق أولى، لأنه أولى أن يحتاط فيه، ثم بين وجه اقتضاء الاحتياط صحة نكاح الفضولي.
8 " - ثم ذكر عدة روايات مؤيدة لصحة الفضولي.
9 " - ثم استعرض استدلالات القائلين ببطلان الفضولي، وناقشها.
10 " - ثم دخل في المسألة الثانية وهي: أن يسبق العقد منع المالك له.
11 " - ثم دخل في المسألة الثالثة، وهي: أن يبيع الفضولي لنفسه.
12 " - ثم ذكر أمرين:
الأول - أنه لا فرق على القول بصحة بيع الفضولي بين كون مال الغير عينا أو دينا في ذمة الغير.
الثاني - أنه لا فرق فيما ذكر من أقسام بيع الفضولي بين البيع العقدي والمعاطاتي بناء على إفادة المعاطاة الملك.
13 " - ثم دخل في البحث عن الإجازة والرد، وقسم البحث إلى البحث في حكمها وشروطها، والبحث في المجيز، ثم البحث في المجاز.
14 " - أما بالنسبة إلى حكمها فذكر القولين المعروفين، وهما: PageV0MP020
الكشف والنقل، وقال: إن الأول هو المشهور، ثم ذكر استدلال جامع المقاصد عليه، وأن العقد سبب تام وإنما يعلم تماميته في الفضولي بعد العلم برضى المالك، فالإجازة تكون كاشفة عن تمامية سببية العقد.
ثم ناقشه: بأن لازم صحة عقد الفضولي قيام الإجازة مقام الرضى المقارن، فيكون لها دخل في تمامية السبب.
15 " - ثم نقل كلام القائلين بأن الشرط هو لحوق الإجازة، وصفة اللحوق مقارنة للعقد - وممن اختار هذا الرأي صاحب الجواهر قدس سره - ثم ناقشه.
16 " - ثم ناقش استدلال فخر الدين - وهو أن الإجازة لو لم تكن كاشفة لزم تأثير المعدوم في الموجود - بأنه كما أن الزمان يكون ظرفا للعقد لا قيدا له فكذلك الإجازة، فكما إذا أمضى الشارع العقد حصل النقل من زمانه، فكذا إذا أمضى الإجازة حصل النقل من زمانها.
17 " - ثم قال: إن كاشفية الإجازة تتصور على أنحاء ثلاثة:
أ - أن تكون كاشفة كشفا حقيقيا والتزام كون الإجازة فيها شرطا متأخرا كما هو المشهور.
ب - أن تكون كاشفة كشفا حقيقيا مع كون الشرط تعقب العقد بالإجازة، لا نفس الإجازة.
ج - أن تكون كاشفة كشفا حكميا، وهو إجراء أحكام الكشف بقدر الإمكان مع عدم تحقق الملك واقعا إلا بعد الإجازة.
ثم قال: إن الأنسب بالقواعد والعمومات هو النقل، ثم الكشف الحكمي. PageV0MP021
وأما الأخبار فيظهر منها الكشف، فلا بد من حملها على الكشف الحكمي....
18 " - ثم ذكر الثمرات بين القول بالنقل والكشف.
19 " - ثم ذكر شرائط الإجازة ضمن التنبيه على أمور.
20 " - ثم بحث حول المجيز وشرائطه ضمن بيان أمور.
21 " - ثم دخل في البحث حول المجاز، ومنه دخل في موضوع ترتب العقود.
22 " - وبعد ذلك دخل في موضوع أحكام الرد، ثم بحث في بعض فروعات المسألة.
عقد الفضولي في الجواهر:
وأما صاحب الجواهر فقد دخل في البحث واستمر فيه على النحو التالي:
1 " - فإنه بعدما نقل كلام المحقق قدس سره - بأن من شرائط المتعاقدين أن يكون البائع مالكا أو ممن له أن يبيع عن المالك كالأب والجد للأب والوكيل... فلو باع ملك غيره وقف على إجازة المالك أو وليه على الأظهر... - قال صاحب الجواهر مكملا العبارة: "... الأشهر بل المشهور، بل قيل: إنه كاد يكون إجماعا... " ثم ذكر الإجماعات المنقولة.
2 " - ثم استدل له: بأن عقد الفضولي - بعد رضى المالك - مندرج في البيع والعقد والتجارة عن تراض، فيشمله ما دل على صحتها ولزومها.
وعلى فرض الشك في اشتراط مباشرة المالك للعقد فيمكن التمسك PageV0MP022
في نفيه بإطلاق * (أوفوا...) * ونحوه.
3 " - ثم فرق بين عقد الفضولي وعقد المكره.
4 " - ثم استدل على لزوم مراعاة مباشرة المالك للعقد بلزوم كون العقد بلفظ الإيجاب والقبول، حيث يكشف ذلك عن رضى المالك بنقل المال عنه إلى المشتري، ثم ناقشه.
5 " - ثم نقل استدلالين على صحة الفضولي وناقشهما، وهما:
الف - إن عقد الفضولي كان متعارفا عند نزول الآية - " أوفوا... " - فتشمله، ورده بمنع ذلك، وعلى فرض الشك تبقى أصالة عدم نقل المال بحالها.
ب - إن السيرة المستمرة تدل على وقوع مثل هذا العقد في ذلك الزمان فتشمله الآية.
ورد الاستدلال - أيضا - بأنه لو كانت السيرة ثابتة لما كانت حاجة إلى اندراج مثل هذا العقد في الآية، لأنها تكون دليلا مستقلا، وعلى فرض ثبوتها فإن منشأها هو التسامح.
6 " - ثم استدل على صحة عقد الفضولي في البيع بما دل على صحة عقده في النكاح، لأن صحته في البيع أولى من صحته في النكاح، لكونه في الفروج والأنساب، وهي تحتاج إلى الاحتياط.
(راجع في هذا الموضوع ما تقدم في كلام الشيخ قدس سره).
7 " - ثم استدل على صحة عقد الفضولي بقضية عروة البارقي، وصحيحة محمد بن قيس ودفع عنهما الإشكالات التي أثيرت حولهما، وذكر روايات عديدة من أبواب مختلفة دالة على المطلوب أو مؤيدة له. PageV0MP023
8 " - ثم نقل القول بالبطلان عن الشيخ وابني زهرة وإدريس، وفخر المحققين والمحدث البحراني، وذكر استدلالاتهم ثم ناقشها.
9 " - ثم دخل في البحث في الإجازة وأنها هل هي ناقلة أو كاشفة من دون ذكر مقدمة، فقال: ثم إن الأقوى كون الإجازة المتعقبة للعقد وغيره مما يعتبر في الصحة كاشفة، وفاقا لصريح الشهيدين...
ثم استدل للقول بالكشف الذي اختاره، إلى أن قال:
وحاصل الكلام: أن الوجه في الكشف أحد أمور ثلاثة:
الأول - أنه من قبيل الأوضاع الشرعية على معنى أن الشارع قد جعل نقل المال في الزمان السابق عند حصول الرضى في المستقبل.
الثاني - أن يكون الرضى المتأخر مؤثرا في نقل المال في السابق.
الثالث - وهو التحقيق أن يكون الشرط حصول الرضى ولو في المستقبل، وهو حاصل عند العقد، ولا يكفي فيه الرضى التعليقي، بمعنى أنه لو علم لرضى، بل لا بد من العلم بحصوله حين العقد.
10 " - ثم ذكر الثمرة بين القولين: الكشف والنقل، ودخل فيه من دون تمهيد.
11 " - ثم دخل في البحث عن كيفية تحقق الإجازة، وأن السكوت هل يدل عليه أو لا؟ فاختار عدمه وأنه لا بد من دال عليه من لفظ أو قول، ثم دخل في بعض فروعات المسألة وعقد المكره لو تعقبه الرضى.
12 " - ثم دخل في البحث عن اشتراط أن يكون للعقد مجيز في الحال، فإنه دخل فيه من دون تمهيد أيضا.
ثم ناقش ذلك واختار عدم الاشتراط. PageV0MP024
13 " - وكذا دخل في البحث عن عدم اعتبار قصد الفضولية في صحة عقد الفضولي، ثم عن اعتبار قصد الصحة وعدمها.
14 " - ثم دخل في البحث عن رد المالك ورجوعه إلى الفضولي لو دفع ماله إلى المشتري...
15 " - وبعد ذلك بحث عن بيع ما يملك وما لا يملك...
مقارنة بين الدراستين:
وبعد المقارنة بين ما تقدم من الكتابين نلاحظ:
1 " - أن الشيخ قدس سره بين في صدر المسألة أن مورد البحث هو مطلق عقد الفضولي لا خصوص بيعه، كما أن البحث في عقده لا في إيقاعه، للاتفاق على بطلانه.
أما صاحب الجواهر قدس سره فلم يتعرض لذلك في صدر المسألة، وإنما تعرض له في خلال أبحاثه.
2 " - أن الشيخ قدس سره عرف الفضولي في أول بحثه، ولم يعرفه صاحب الجواهر قدس سره.
3 " - أن الشيخ قدس سره قسم الفضولي إلى أقسام ثلاثة، فبحث في كل قسم في مسألة مستقلة، لكن لم يفعل صاحب الجواهر قدس سره ذلك، بل لم يذكر إلا المسألة الأولى مما ذكره الشيخ، وهي المسألة المتعارفة في الفضولي.
4 " - أن الشيخ قدس سره راعى الترتيب في الاستدلال فبدأ بالعمومات ثم بقضية عروة البارقي، ثم برواية محمد بن قيس، ثم بالأولوية PageV0MP025
(أي أولوية صحة البيع من النكاح الذي ثبت صحة الفضولية فيه)، ثم ناقش غير العمومات، ثم ذكر استدلال القائلين بالبطلان ثم ناقشهم.
أما صاحب الجواهر فقد ذكر استدلاله على صحة الفضولي، ثم ذكر استدلالا على البطلان وأجابه، ثم نقل استدلالين على الصحة وناقشهما، ثم استدل بالأولوية (أولوية صحة البيع من النكاح في الفضولي)، ثم بقضية عروة البارقي، ثم بصحيحة محمد بن قيس، ثم بروايات أخرى، ثم أجاب عن المناقشات.
ثم نقل القول بالبطلان مع أدلته ثم ناقشها.
وهنا تبدو ظاهرة التموج في كلام صاحب الجواهر، فلاحظ وتأمل.
5 " - قسم الشيخ البحث في الإجازة إلى البحث في حكمها، ثم في المجيز ثم في المجاز.
وأما صاحب الجواهر فقد دخل في الموضوع بصورة فجائية وقال:
" ثم إن الأقوى كون الإجازة المتعقبة للعقد وغيره مما يعتبر في الصحة كاشفة... " من دون أن يقسم البحث إلى البحث في حكم الإجازة والمجيز والمجاز...
6 " - أن الشيخ قدس سره دخل في البحث في الإجازة وشرائطها، ثم في المجيز وشرائطه بصورة مستقلة وبترتيب.
أما صاحب الجواهر فلم يبحث إلا في بعض شروط الإجازة والمجيز بصورة متفرقة.
وموارد كثيرة أخرى.
ويمكننا أن نقول باختصار: إنه لم يتوسع أحد ممن تقدم على PageV0MP026
الشيخ قدس سره من الفقهاء في الفقه المعاملي وخاصة في بيع الفضولي كما توسع فيه الشيخ قدس سره، اللهم إلا المحققين: القمي - في الغنائم - والكاظمي - في المقابس -، ومع ذلك فقد قدر لأن يكون كتاب المكاسب هو الحائز لقصب السبق، ولذلك صار مطمح أنظار الفقهاء والمحققين إلى يومنا هذا.
ثالثا - كيفية التعبير:
ومن الفوارق الموجودة بين كتابي الجواهر والمكاسب هو الفرق في التعبير، فإن تعابير المكاسب خالية من التعقيد اللفظي والتعبيري - إلى حد ما - فهي في حد ذاتها قابلة للفهم لمن كان على مستوى المكاسب من الجانب العلمي، بخلاف الجواهر، فإن عباراته مغلقة في كثير من الأحيان، ولذلك تحتاج إلى تأمل ودقة كثيرين لفهمها، ولسنا نزعم براءة كتب الشيخ عن الإغلاق في التعبير تماما، وإنما المقصود بيانه هو أن الصفة الغالبة في تعبير الشيخ هي السلاسة والوضوح بخلاف عبارات الجواهر.
رابعا - الاقتباس من الآخرين:
قد جرت عادة بعض على الاقتباس من عبارات الآخرين وإشراب مقصودهم فيها، ولكن برزت هذه الظاهرة في الجواهر بصورة واضحة، فإننا نرى صاحب الجواهر قدس سره قد ذكر عدة أسطر أو صفحة أو أكثر من كتب أخرى - كالمسالك وكشف اللثام والرياض وغيرها - من دون PageV0MP027
تصريح بذلك، بينما نرى أن الشيخ قدس سره لم يتخذ هذه الطريقة مطلقا، بل اعتمد على عباراته في بيان مقصوده.
والطريقة التي سلكها صاحب الجواهر توقع - كثيرا ما - القارئ في إبهامات وإشكالات عديدة.
كانت هذه أهم الفوارق الكيفية التي سمحت لنا الظروف بالتطرق لها، وبقي الأهم منها، وهي الفوارق الجوهرية التي تجعل ميزة للمكاسب على الكتب المتقدمة عليه، كالاعتماد على العرف والعرفيات في فهم كثير من موضوعات الأحكام والنصوص، وكتبيين المفاهيم الحقوقية، مثل الحكم والحق والمال والمالية ونحوها، وإعطاء صيغة عامة للبحث عن العقد، بحيث يشمل غير البيع، وأمور أخرى نسأل الله تعالى أن يوفقنا للبحث فيها في فرصة أخرى. PageV0MP028
تحقيق كتاب المكاسب انطلاقا مما قدمناه في بيان أهمية كتاب المكاسب اهتمت لجنة التحقيق - منذ بدء عملها - بتحقيق الكتاب وتقديمه للمراكز العلمية، ولذلك قمنا بتحضير مقدمات العمل، وأول ما قمنا به هو تحضير النسخ التي يمكن الاعتماد عليها في تحقيق الكتاب، فكانت كالآتي:
أولا - مصورة النسخة الأصلية:
إننا لم نعثر - مع الأسف - إلى الآن على مخطوطة المؤلف في المكاسب إلا على قسم الخيارات منه، حيث توجد نسخته في مكتبة الإمام الرضا عليه السلام في مشهد برقم (11129) وبمقياس (14 × 5 / 9)، وقدمت لنا مصورتها إدارة المكتبة مشكورة.
والنسخة جيدة الخط، خالية من التشويش الموجود في بعض ما كتبه قدس سره كالصلاة والوصايا والنكاح والقضاء ونحوها.
ورمزنا لهذه النسخة برمز " ق ". PageV0MP029
ثانيا - نسخة خطية:
وهي نسخة كاملة تحتوي على المكاسب المحرمة والبيع والخيارات، تمتاز بالدقة ووضوح الخط، ويظهر منها أنها كتبت في حياة المؤلف قدس سره، حيث دعى له كاتب النسخة بالبقاء في آخر قسم البيع ضمن التعريف بالمؤلف والكتاب، فقال: " قد تم بفضله وعونه المجلد الأول من هذه النسخة الشريفة ويتلوه إن شاء الله، الثاني في الخيارات، وهو مع أنه قد جمع الأهم من القواعد وشمل الأنفع والأصح من المسائل والأصول والشوارد، وأودع فيه من الثمرة كل لباب، ومن النكت ما لا يوجد منتظما في كتاب، قد تضمن من التحقيق كل شارد، ومن التدقيق كل وارد، واندرج فيه من النوادر ما حلى وضعها، وحسن طرزها، يشهد به من مارس الصناعة، ويشاهده من تتبع أقاويل الجماعة وكتب العلماء الأجلة، بل هو مع أنه كثيرا مقتصر على مخزون الخاطر ومقترح القريحة، مشتمل على تفصيل مجمل، وبسط موجز، وتقرير أسئلة، وتحرير أجوبة، ومنع اعتراضات، ودفع معارضات، وكشف شبهات، وتحقيق حق، وإبطال باطل، ففيه فوائد باهرة وشواهد على صدق المدعى ظاهرة، يكاد من قوة الحدس يستشفق الواقع من وراء حجابه ويستشهد المستور من وراء ستره ونقابه، فهو حينئذ قد بلغ الغاية القصوى والدرجة العليا، فلله دره دام ظله حيث أحسن وأجاد، نفعنا الله بوجوده وإفادته، وسائر المحصلين، بمحمد وآله الأمجاد، والحمد لله على فضل الإتمام، والصلاة والسلام على النبي وآله أئمة الأنام.... ". PageV0MP030
وأصل النسخة موجودة في مكتبة مدرسة الفيضية في قم المقدسة برقم (986) وبمقياس (15 × 21 سم) في (773 صفحة، وفي كل صفحة 25 سطرا)، تفضلت بمصورتها إدارة المكتبة مشكورة.
ورمزنا لهذه النسخة برمز " ف ".
ثالثا - نسخة حجرية:
والنسخة الثالثة التي اعتمدنا عليها هي نسخة حجرية مطبوعة عام (1286) أي خمس سنوات بعد وفاة المؤلف قدس سره، والطبعة في حد ذاتها جيدة، وتمتاز النسخة التي اعتمدنا عليها أنها كانت بيد آية الله السيد علي النوري قدس سره (م؟؟؟؟) الذي كان من العلماء المختصين بتدريس المكاسب والرسائل في النجف الأشرف، وله تصحيحات على النسخة ، وسمعت أحد العلماء المبرزين الذين درسوا عنده كتاب المكاسب يقول: إنه كان يصحح كتابه المكاسب على نسخة مصححة من قبل المؤلف إما مع الواسطة أو بدونها - والترديد من الناقل دام ظله -.
وقد قدم لنا مصورة هذه النسخة سماحة العلامة الأستاذ السيد عزيز الطباطبائي دامت بركاته مشكورا.
ورمزنا لهذه النسخة برمز " ن ".
رابعا - نسخة حجرية ثانية:
وهي مطبوعة عام (1299) فيها تصحيحات ونسخ بدل مطبوعة، قدمت لنا مصورتها مكتبة مدرسة ولي العصر عجل الله فرجه في خوانسار PageV0MP031
مشكورة.
ورمزنا لها برمز " خ ".
خامسا - نسخة حجرية ثالثة:
وهي مطبوعة عام (1300) فيها بعض التصحيحات ونسخ بدل، لكنها بعد الطبع، والظاهر أنها مقابلة مع نسخة أو نسخ أخرى، قدمت لنا مصورتها مكتبة ولي العصر عجل الله فرجه أيضا.
ورمزنا لها برمز " م ".
سادسا - نسخة حجرية رابعة:
وهي مطبوعة عام (1304) وهذه الطبعة تمتاز بقلة الأخطاء، وعليها بعض التصحيحات ونسخ بدل.
ورمزنا لها برمز " ع ".
سابعا - نسخة حجرية خامسة:
وهي مطبوعة عام (1325) في إصفهان في مجلدين، تحت عنوان المتاجر، وقد قام بعض الفضلاء بتصحيح هذه النسخة ومراجعة المصادر كما جاء في نهاية المجلد الأول منه.
ورمزنا لهذه النسخة برمز " ص ". PageV0MP032
ثامنا - نسخة حجرية سادسة:
وهي النسخة المتداولة والمعروفة بطبعة الشهيدي، وإنما جعلناها ضمن النسخ لكثرة تداولها، وليعرف مواقع الاختلاف بينها وبين سائر النسخ.
ورمزنا لها برمز " ش ".
هذا وقد وصلتنا بعض التصحيحات المتفرقة من بعض العلماء والفضلاء، ولكن كان المعول على النسخ وجعلنا هذه كمؤيدات وقرائن عليها.
ونحن بدورنا نشكر جميع من اهتم بهذا الأمر وشارك فيه بأي نحو كان.
طريقتنا في التحقيق:
قبل التطرق لبيان كيفية تحقيق الكتاب نرى من الضروري أن نشير إلى بعض النقاط تبصرة للقراء الكرام.
1 " - إننا اعتمدنا في تحقيق الكتاب على طريقة التلفيق بين النسخ، لأننا لم نعثر على نسخة الأصل إلا في قسم الخيارات، ولذلك كان أكثر سعينا هو أن نستخرج متنا صحيحا من بين النسخ، ونشير إلى ما يخالفه في الهامش إلا إذا أحرزنا أن الكلمة أو العبارة مصححة - في بعض النسخ - اجتهادا، ولم تؤيده سائر النسخ، فإننا اكتفينا بالإشارة إليها في الهامش.
2 " - لما كانت أكثر منقولات الشيخ قدس سره - سواء كانت روايات أو عبارات الفقهاء - لم تطابق مورد النص بالضبط فلذلك لم نعبأ PageV0MP033
بالخلاف الموجود بين ما نقله الشيخ وما هو موجود في المصدر المنقول منه إلا إذا كان مهما أو اختلفت نسخ الكتاب فيه.
3 - إننا لم نضف عناوين إضافية في متن الكتاب، بل جعلنا له عناوين جانبية تسهيلا للوصول إلى جزئيات الموضوع.
البدء بالعمل:
ولما تهيأت مقدمات العمل قمنا بتنظيم اللجان اللازمة لهذا الأمر، فكانت كالآتي:
أولا - لجنة المقابلة:
تكفلت هذه اللجنة بمقابلة النسخ بعضها مع بعض وضبط موارد الاختلاف بينها.
وقد تمت المقابلة مرات عديدة، قبل تقويم النص وحينه وبعد صف الحروف عدة مرات.
ثانيا - لجنة الاستخراج:
كانت مهمتها استخراج الآيات والأحاديث والأقوال، وقد قامت اللجنة باستخراج الأحاديث من الكتب الأربعة والوسائل، ولكننا قررنا أخيرا - تجنبا من تكثيف الهوامش - الاكتفاء بالوسائل.
هذا وقد شارك في هذه اللجنة كل من:
1 - حجة الإسلام والمسلمين السيد يحيى الحسيني. PageV0MP034
2 - حجة الإسلام والمسلمين الشيخ مرتضى الواعظي.
3 - حجة الإسلام والمسلمين السيد أحمد مير مهدي.
ثالثا - لجنة المراجعة:
قامت هذه اللجنة بمراجعة الاستخراجات للتأكد من صحتها، وقد ضمت هذه اللجنة كلا من:
1 - حجة الإسلام والمسلمين الشيخ محمد باقر حسن پور.
2 - حجة الإسلام والمسلمين الشيخ رحمة الله الرحمتي.
3 - حجة الإسلام والمسلمين الشيخ مرتضى الواعظي.
رابعا - لجنة تقويم النص:
تكفلت هذه اللجنة بتقويم النص وضبطه، وتألفت هذه اللجنة من:
1 - حجة الإسلام والمسلمين الشيخ رحمة الله الرحمتي.
2 - حجة الإسلام والمسلمين الشيخ محمد باقر حسن پور.
3 - حجة الإسلام والمسلمين السيد محمد جواد الجلالي.
4 - وكنت أحد أعضاء هذه اللجنة أيضا.
هذا وقد قام حجة الإسلام والمسلمين السيد منذر الحكيم بتقطيع متن الكتاب وتجزئته.
ولا بد من الإشارة إلى أن اللجان المتقدمة إنما تشكلت بالنسبة إلى المجلد الأول من المكاسب المحرمة، وسوف نعلن عن أي تغيير يحصل في اللجان في المجلدات الآتية إن شاء الله تعالى. PageV0MP035
وختاما نقدم شكرنا وتقديرنا لكل من ساهم في إحياء هذا الأثر القيم ممن ذكرناهم وغيرهم، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياهم لإحياء فقه أهل البيت عليهم السلام، إنه سميع مجيب.
مسؤول لجنة التحقيق محمد علي الأنصاري PageV0MP036
نماذج مصورة من النسخ المعتمد عليها في تحقيق الكتاب PageV0MP037
صورة الصفحة الأولى من مخطوطة المؤلف قدس سره في الخيارات PageV0MP039
نموذج آخر من مخطوطة المؤلف قدس سره PageV0MP040
صورة الصفحة الأخيرة من مخطوطة المؤلف قدس سره. PageV0MP041
صورة الصفحة الأولى من النسخة المخطوطة " ف ". PageV0MP042
صورة الصفحة الأخيرة من قسم البيع من نسخة " ف " ويظهر في آخرها الدعاء للمؤلف قدس سره بالبقاء PageV0MP043
صورة الصفحة الأخيرة من نسخة " ف " PageV0MP044
صورة الصفحة الأولى من النسخة المطبوعة عام 1286 التي رمز لها ب " ن ". PageV0MP045
صورة الصفحة الأولى من النسخة المطبوعة عام 1299 التي رمز لها ب " خ " PageV0MP046
صورة الصفحة الأولى من النسخة المطبوعة عام 1300 التي رمز لها ب " م " PageV0MP047
صورة الصفحة الأولى من النسخة المطبوعة عام 1304 التي رمز لها ب " ع ". PageV0MP048
كتاب المكاسب للشيخ الأعظم أستاذ الفقهاء والمجتهدين الشيخ مرتضى الأنصاري (قدس سره) 1214 - 1281 ه الجزء الأول اعداد لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم
صفحہ 1
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.
صفحہ 3
في المكاسب وينبغي - أولا - التيمن بذكر بعض الأخبار الواردة على سبيل الضابطة للمكاسب، من حيث الحل والحرمة، فنقول - مستعينا بالله تعالى -:
روي في الوسائل (1) والحدائق (2) عن الحسن بن علي بن شعبة - في كتاب تحف العقول (3) - عن مولانا الصادق صلوات الله وسلامه عليه حيث سئل عن
صفحہ 5
معايش العباد، فقال: " جميع المعايش كلها من وجوه المعاملات فيما بينهم مما يكون لهم فيه المكاسب أربع جهات، ويكون فيها حلال من جهة وحرام من جهة:
فأول هذه الجهات الأربع (1) الولاية، ثم التجارة، ثم الصناعات، ثم الإجارات.
والفرض من الله تعالى على العباد في هذه المعاملات الدخول في جهات الحلال، والعمل بذلك، واجتناب جهات الحرام منها.
فإحدى الجهتين من الولاية: ولاية ولاة العدل الذين أمر الله بولايتهم على الناس، والجهة الأخرى: ولاية ولاة الجور.
فوجه الحلال من الولاية، ولاية الوالي العادل، وولاية ولاته بجهة ما أمر به الوالي العادل بلا زيادة ونقيصة، فالولاية له، والعمل معه، ومعونته، وتقويته، حلال محلل.
وأما وجه الحرام من الولاية: فولاية الوالي الجائر، وولاية ولاته، فالعمل (2) لهم، والكسب لهم بجهة الولاية معهم (3) حرام محرم معذب فاعل ذلك على قليل من فعله أو كثير، لأن كل شئ من جهة المعونة له، معصية كبيرة من الكبائر.
وذلك أن في ولاية الوالي الجائر دروس الحق كله، وإحياء الباطل كله، وإظهار الظلم والجور والفساد، وإبطال الكتب، وقتل الأنبياء،
صفحہ 6
وهدم المساجد، وتبديل سنة الله وشرائعه، فلذلك حرم العمل معهم ومعونتهم، والكسب معهم إلا بجهة الضرورة نظير الضرورة إلى الدم والميتة.
وأما تفسير التجارات في جميع البيوع ووجوه الحلال من وجه التجارات التي يجوز للبائع أن يبيع مما لا يجوز له، وكذلك المشتري الذي يجوز له شراؤه مما لا يجوز:
فكل مأمور به مما هو غذاء للعباد وقوامهم به في أمورهم في وجوه الصلاح الذي لا يقيمهم غيره مما يأكلون ويشربون ويلبسون وينكحون ويملكون ويستعملون من جميع المنافع التي لا يقيمهم غيرها، وكل شئ يكون لهم فيه الصلاح من جهة من الجهات، فهذا كله حلال بيعه وشراؤه وإمساكه واستعماله وهبته وعاريته.
وأما وجوه الحرام من البيع والشراء: فكل أمر يكون فيه الفساد مما هو منهي عنه من جهة أكله وشربه (1) أو كسبه (2) أو نكاحه أو ملكه أو إمساكه أو هبته أو عاريته أو شئ يكون فيه وجه من وجوه الفساد - نظير البيع بالربا أو بيع الميتة أو الدم أو لحم الخنزير أو لحوم السباع من صنوف سباع الوحش أو الطير أو جلودها أو الخمر أو شئ من وجوه النجس - فهذا كله حرام محرم، لأن ذلك كله منهي عن أكله وشربه ولبسه وملكه وإمساكه والتقلب فيه، فجميع تقلبه في
صفحہ 7
ذلك حرام.
وكذلك كل مبيع ملهو به، وكل منهي عنه - مما يتقرب به لغير الله عز وجل، أو يقوى به الكفر والشرك في جميع وجوه المعاصي، أو باب يوهن به الحق - فهو حرام محرم بيعه وشراؤه وإمساكه وملكه وهبته وعاريته وجميع التقلب فيه، إلا في حال تدعو الضرورة فيه إلى ذلك.
وأما تفسير الإجارات:
فإجارة الإنسان نفسه أو ما يملك أو يلي أمره - من قرابته أو دابته أو ثوبه - بوجه (1) الحلال من جهات الإجارات أو (2) يؤجر نفسه أو داره أو أرضه أو شيئا يملكه فيما ينتفع به من وجوه المنافع أو العمل بنفسه وولده ومملوكه وأجيره من غير أن يكون وكيلا للوالي أو واليا للوالي، فلا بأس أن يكون أجيرا يؤجر نفسه أو ولده أو قرابته أو ملكه أو وكيله في إجارته، لأنهم وكلاء الأجير من عنده، ليس هم بولاة الوالي، نظير الحمال الذي يحمل شيئا معلوما بشئ معلوم، فيحمل (3) ذلك الشئ الذي يجوز له حمله بنفسه أو بملكه أو دابته، أو يؤجر نفسه في عمل، يعمل ذلك العمل [بنفسه أو بمملوكه أو قرابته أو بأجير من قبله، فهذه وجوه من وجوه الإجارات] (4)
صفحہ 8
حلال (1) لمن كان من الناس ملكا أو سوقة أو كافرا أو مؤمنا فحلال إجارته، وحلال كسبه من هذه الوجوه.
فأما وجوه الحرام من وجوه الإجارة: نظير أن يؤاجر نفسه على حمل ما يحرم أكله أو شربه، أو يؤاجر نفسه في صنعة ذلك الشئ أو حفظه، أو يؤاجر نفسه في هدم المساجد ضرارا، أو قتل النفس بغير حق (2)، أو عمل (3) التصاوير والأصنام والمزامير والبرابط والخمر والخنازير والميتة والدم، أو شئ من وجوه الفساد الذي كان محرما عليه من غير جهة الإجارة فيه.
وكل أمر منهي عنه من جهة من الجهات، فمحرم على الإنسان إجارة نفسه فيه أو له أو شئ منه أو له، إلا لمنفعة من استأجره (4) كالذي يستأجر له الأجير ليحمل الميتة ينحيها (5) عن أذاه أو أذى غيره وما أشبه ذلك - إلى أن قال -:
وكل من آجر نفسه أو ما يملك، أو يلي أمره من كافر أو مؤمن أو ملك أو سوقة - على ما فسرنا مما تجوز الإجارة فيه - فحلال محلل فعله وكسبه.
صفحہ 9
وأما تفسير الصناعات:
فكل ما يتعلم العباد أو يعلمون غيرهم من أصناف الصناعات - مثل الكتابة والحساب والنجارة (1) والصياغة والبناء والحياكة والسراجة والقصارة والخياطة وصنعة صنوف التصاوير ما لم يكن مثل الروحاني، وأنواع صنوف الآلات التي يحتاج إليها العباد، منها منافعهم، وبها قوامهم، وفيها بلغة جميع (2) حوائجهم - فحلال فعله (3) وتعليمه والعمل به وفيه (4) لنفسه أو لغيره.
وإن كانت تلك الصناعة وتلك الآلة قد يستعان بها على وجوه الفساد ووجوه المعاصي، وتكون معونة على الحق والباطل، فلا بأس بصناعته وتعليمه (5) نظير الكتابة التي هي (6) على وجه من وجوه الفساد تقوية ومعونة لولاة الجور. وكذلك السكين والسيف والرمح والقوس وغير ذلك من وجوه الآلات التي تصرف (7) إلى وجوه (8) الصلاح
صفحہ 10
وجهات الفساد، وتكون آلة ومعونة عليهما (1) فلا بأس بتعليمه وتعلمه وأخذ الأجر عليه والعمل به وفيه لمن كان له فيه جهات الصلاح من جميع الخلائق، ومحرم عليهم تصريفه إلى جهات الفساد والمضار، فليس على العالم ولا المتعلم إثم ولا وزر، لما فيه من الرجحان في منافع جهات صلاحهم وقوامهم وبقائهم، وإنما الإثم والوزر على المتصرف فيه (2) في جهات الفساد والحرام، وذلك إنما حرم الله الصناعة التي هي حرام كلها التي يجئ منها الفساد محضا، نظير البرابط والمزامير والشطرنج وكل ملهو به والصلبان والأصنام وما أشبه ذلك من صناعات الأشربة الحرام (3).
وما يكون منه وفيه الفساد محضا ولا يكون منه ولا فيه شئ من وجوه الصلاح، فحرام تعليمه وتعلمه والعمل به وأخذ الأجرة عليه وجميع التقلب فيه من جميع وجوه الحركات (4) إلا أن تكون صناعة قد تصرف إلى جهة المنافع (5)، وإن كان قد يتصرف فيها ويتناول بها وجه من وجوه المعاصي، فلعلة ما فيه (6) من الصلاح حل تعلمه وتعليمه والعمل به، ويحرم على من صرفه إلى غير وجه الحق والصلاح.
صفحہ 11
فهذا تفسير بيان وجوه اكتساب معايش العباد، وتعليمهم (1) في وجوه اكتسابهم... الحديث ".
وحكاه غير واحد (2) عن رسالة المحكم والمتشابه (3) للسيد قدس سره.
وفي الفقه المنسوب إلى مولانا الرضا صلوات الله وسلامه عليه: " اعلم - رحمك (4) الله - أن كل (5) مأمور به على العباد (6) وقوام لهم في أمورهم من وجوه الصلاح الذي لا يقيمهم غيره - مما يأكلون ويشربون ويلبسون وينكحون ويملكون ويستعملون - فهذا كله حلال بيعه وشراؤه وهبته وعاريته.
وكل أمر يكون فيه الفساد - مما قد نهي عنه من جهة أكله وشربه ولبسه ونكاحه وإمساكه بوجه الفساد، مثل الميتة والدم ولحم الخنزير والربا وجميع الفواحش ولحوم السباع والخمر، وما أشبه ذلك - فحرام ضار للجسم (7) " (8)، انتهى.
وعن دعائم الإسلام - للقاضي نعمان المصري - عن مولانا
صفحہ 12
الصادق عليه السلام: " إن الحلال من البيوع كل ما كان حلالا من المأكول والمشروب وغير ذلك مما هو قوام للناس ويباح لهم الانتفاع، وما كان محرما أصله منهيا عنه لم يجز بيعه ولا شراؤه " (1)، انتهى.
وفي النبوي المشهور: " إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه " (2).
إذا عرفت ما تلوناه وجعلته في بالك متدبرا لمدلولاته، فنقول:
قد جرت عادة غير واحد على تقسيم المكاسب إلى محرم ومكروه ومباح، مهملين للمستحب والواجب، بناء على عدم وجودهما في المكاسب، مع إمكان التمثيل للمستحب بمثل الزراعة والرعي مما ندب إليه الشرع، وللواجب بالصناعة الواجبة كفاية، خصوصا إذا تعذر قيام الغير به، فتأمل.
ومعنى حرمة الاكتساب حرمة النقل والانتقال بقصد ترتب الأثر (3).
وأما حرمة أكل المال في مقابلها، فهو متفرع على فساد البيع، لأنه مال الغير وقع في يده بلا سبب شرعي وإن قلنا بعدم التحريم، لأن ظاهر أدلة تحريم بيع مثل الخمر منصرف إلى ما لو أراد ترتيب الآثار المحرمة، أما لو قصد الأثر المحلل فلا دليل على تحريم المعاملة
صفحہ 13
إلا من حيث التشريع (1).
وكيف كان، فالاكتساب المحرم أنواع، نذكر كلا منها في طي مسائل:
صفحہ 14
النوع الأول الاكتساب بالأعيان النجسة عدا ما استثني وفيه مسائل ثمان:
صفحہ 15
المسألة الأولى يحرم المعاوضة على بول غير مأكول اللحم (1) بلا خلاف ظاهر، لحرمته، ونجاسته، وعدم الانتفاع به منفعة محللة مقصودة فيما عدا بعض أفراده، ك " بول الإبل الجلالة أو الموطوءة ".
" فرعان " الأول:
ما عدا بول الإبل من أبوال ما يؤكل لحمه المحكوم بطهارتها عند المشهور، إن قلنا بجواز شربها اختيارا - كما عليه جماعة من القدماء
صفحہ 17
والمتأخرين (1)، بل عن المرتضى دعوى الإجماع عليه (2) - فالظاهر جواز بيعها. وإن قلنا بحرمة شربها - كما هو مذهب جماعة أخرى (3) لاستخباثها - ففي جواز بيعها قولان:
من عدم المنفعة المحللة المقصودة فيها، والمنفعة النادرة لو جوزت المعاوضة لزم منه جواز معاوضة كل شئ، والتداوي بها لبعض الأوجاع لا يوجب قياسها (4) على الأدوية والعقاقير، لأنه يوجب قياس كل شئ عليها، للانتفاع به في بعض الأوقات.
ومن أن المنفعة الظاهرة - ولو عند الضرورة المسوغة للشرب - كافية في جواز البيع.
والفرق بينها وبين ذي المنفعة الغير المقصودة حكم العرف بأنه لا منفعة فيه.
وسيجئ الكلام في ضابطة المنفعة المسوغة للبيع.
صفحہ 18
نعم، يمكن أن يقال: إن قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه " (1) وكذلك الخبر المتقدم عن دعائم الإسلام يدل على أن ضابطة المنع تحريم الشئ اختيارا، وإلا فلا حرام إلا وهو محلل عند الضرورة، والمفروض حرمة شرب الأبوال اختيارا، والمنافع الأخر غير الشرب لا يعبأ بها جدا، فلا ينتقض بالطين المحرم أكله، فإن المنافع الأخر للطين أهم وأعم من منفعة الأكل المحرم، بل لا يعد الأكل من منافع الطين.
فالنبوي دال على أنه إذا حرم الله شيئا بقول مطلق - بأن قال:
يحرم الشئ الفلاني - حرم بيعه، لأن تحريم عينه إما راجع إلى تحريم جميع منافعه، أو إلى تحريم أهم منافعه الذي (2) يتبادر عند الإطلاق، بحيث يكون غيره غير مقصود منه.
وعلى التقديرين، يدخل الشئ لأجل ذلك في ما لا ينتفع به منفعة محللة مقصودة، والطين لم يحرم كذلك، بل لم يحرم إلا بعض منافعه الغير المقصودة منه - وهو الأكل - بخلاف الأبوال فإنها حرمت كذلك، فيكون التحريم راجعا إلى شربها، وغيره من المنافع في حكم العدم.
وبالجملة، فالانتفاع بالشئ حال الضرورة منفعة محرمة في حال الاختيار لا يوجب جواز بيعه.
ولا ينتقض أيضا بالأدوية المحرمة في غير حال المرض لأجل الإضرار، لأن حلية هذه في حال المرض ليست لأجل الضرورة،
صفحہ 19
بل لأجل تبدل عنوان الإضرار بعنوان النفع.
ومما ذكرنا يظهر أن قوله عليه السلام في رواية تحف العقول المتقدمة:
" وكل شئ يكون لهم (1) فيه الصلاح من جهة من الجهات " يراد به جهة الصلاح الثابتة حال الاختيار دون الضرورة.
ومما ذكرنا يظهر حرمة بيع لحوم السباع دون شحومها، فإن الأول من قبيل الأبوال، والثاني من قبيل الطين في عدم حرمة جميع منافعها المقصودة منها.
ولا ينافيه النبوي: " لعن الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا ثمنها " (2)، لأن الظاهر أن الشحوم كانت محرمة الانتفاع على اليهود بجميع الانتفاعات، لا كتحريم شحوم غير مأكول اللحم علينا.
هذا، ولكن الموجود من النبوي في باب الأطعمة من الخلاف (3):
" إن الله إذا حرم أكل شئ حرم ثمنه " (4).
والجواب عنه - مع (5) ضعفه، وعدم الجابر له سندا ودلالة،
صفحہ 20
لقصورها -: بلزوم (1) تخصيص الأكثر (2).
الثاني:
بول الإبل يجوز بيعه إجماعا - على ما في جامع المقاصد (3) وعن إيضاح النافع (4) - إما لجواز شربه اختيارا، كما يدل عليه قوله عليه السلام في رواية الجعفري: " أبوال الإبل خير من ألبانها " (5) وإما لأجل الإجماع المنقول، لو قلنا بعدم جواز شربها إلا لضرورة الاستشفاء، كما يدل عليه رواية سماعة، قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن بول الإبل والبقر والغنم ينتفع به من الوجع، هل يجوز أن يشرب؟ قال: نعم،
صفحہ 21
لا بأس " (1). وموثقة عمار، عن بول البقر يشربه الرجل، قال: " إن كان محتاجا إليه يتداوى بشربه فلا بأس، وكذلك بول الإبل والغنم " (2).
لكن الإنصاف، أنه لو قلنا بحرمة شربه اختيارا أشكل الحكم بالجواز إن لم يكن إجماعيا (3)، كما يظهر من مخالفة العلامة في النهاية وابن سعيد في النزهة (4).
قال في النهاية: وكذلك البول - يعني يحرم بيعه - وإن كان طاهرا، للاستخباث، كأبوال البقر والإبل وإن انتفع به في شربه للدواء، لأنه منفعة جزئية نادرة فلا يعتد به (5)، انتهى.
أقول: بل لأن المنفعة المحللة للاضطرار - وإن كانت كلية - لا تسوغ البيع، كما عرفت.
صفحہ 22
[المسألة] الثانية يحرم بيع العذرة النجسة (1) من كل حيوان على المشهور ، بل في التذكرة - كما عن الخلاف -: الإجماع على تحريم بيع السرجين النجس (2).
ويدل عليه - مضافا إلى ما تقدم من الأخبار - رواية يعقوب ابن شعيب: " ثمن العذرة من السحت (3) " (4).
نعم، في رواية محمد بن المضارب (5): " لا بأس ببيع العذرة " (6).
وجمع الشيخ بينهما بحمل الأول على عذرة الإنسان، والثاني على عذرة البهائم (7).
صفحہ 23