عليه وسلم
أرحم الناس، لو يجد لهم رخصة لأرخص لهم، كيف وقد أنزل الله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ﴾ ١؟ فإذا كانت هذه الآية فيمن وافقهم بلسانه فكيف بغير ذلك؟
(الموضع الثالث): "قصة قراءته ﷺ سورة النجم بحضرتهم، فلما بلغ ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى﴾ ٢ ألقى الشيطان في تلاوته تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى، فظنوا أن رسول الله ﷺ قالها ٣ ففرحوا بذلك وقالوا كلاما معناه: هذا الذي نريد، ونحن نعرف أن الله هو النافع الضار وحده لا شريك له، ولكن هؤلاء يشفعون لنا عنده. فلما بلغ السجدة سجد وسجدوا معه، فشاع الخبر أنهم صافوه ٤. وسمع بذلك من بالحبشة فرجعوا، فلما أنكر ذلك رسول الله ﷺ عادوا إلى شر مما ٥ كانوا عليه". ولما قالوا له: إنك قلت ذلك، خاف من الله خوفا عظيما حتى أنزل الله عليه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ﴾ ٦ الآية، فمن فهم هذه القصة ثم شك بعدها ٧ في دين النبي ﷺ ولم يفرق
_________
١ سورة العنكبوت آية: ١٠.
٢ سورة آية: ١٩.
٣ لفظ (قالها) هو الثابت في الدرر السنية.
٤ لفظ صافوه هو الوارد في أكثر النسخ وفي طبعة المصطفوية (صادقوه) .
٥ ورد في أكثر الطبعات (أشر ما) بزيادة الهمزة وإسقاط (من) وفي الدرر السنية (شر ما) وفي طبعة الجميح (شر مما) .
٦ سورة الحج آية: ٥٢.
٧ لفظ (بعدها) من الدرر السنية وطبعة المطبعة المصطفوية.
1 / 356