مجموعة الرسائل والمسائل والفتاوى
مجموعة الرسائل والمسائل والفتاوى
ناشر
دار ثقيف للنشر والتأليف
ایڈیشن نمبر
الطبعة الأولى
اشاعت کا سال
١٣٩٨هـ
پبلشر کا مقام
الطائف
اصناف
فتاوی
وأما قول المعترض ورد في الحديث لولا حبيبي محمد ما خلقت سمائي ولا أرضي ولا جنتي ولا ناري فهذا من الموضوعات لا أصل له ومن ادعى خلاف ذلك فليذكر من رواه من أهل الكتاب المعتمدة في الحديث، وأنى له ذلك، بل هو من أكاذيب الغلاة الوضاعين، وقد بين الله تعالى حكمته في خلق السموات والأرض في كثير من سور القرآن كما قال في الآية التي تأتي بعد وهي قول الله تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ ولها نظائر تبين حكمة الرب في خلق السموات والأرض.
وقوله كيف ينكر تصرفه في إعطاء أحد بإذن الله من الدنيا في حياته أو في الآخرة بعد وفاته.
أقول هذا كلام من اجترى، وافترى وأساء الأدب مع الله، وكذب على رسوله ﷺ ولم يعرف حقيقة الشفاعة، ولا عرف تفرد الله بالملك يوم القيامة، وهل قال رسول الله ﷺ أو أحد من أصحابه أو من بعدهم من أئمة الإسلام أن أحد يتصرف يوم القيامة ﷺ ولو أطلقت هذه العبارة في حق رسول الله ﷺ لادعاه كل لمعبوده من نبي أو ملك أو صالح أنه يشفع له إذا دعاه ﴿سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ﴾ وقال تعالى ﴿يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ وقال: ﴿لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا﴾ وهذا القول الذي قاله الجاهل قد شافهنا به جاهل مثله بمصر يقول الذي يتصرف في الكون سبعة البدوي والإمام الشافعي والشيخ الدسوقي حتى أكمل السبعة من الأموات، هذا يقول هذا ولي له شفاعة، وهذا صالح كذلك وقد قال تعالى: ﴿لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ * يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ إلى قوله ﴿مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ﴾ أي ظلم أعظم من الشرك بالله، ودعوى الشريك في الملك والتصرف وهذا غاية الظلم.
قال شيخ الإسلام ﵀: في معنى قوله تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ * وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ﴾ نفى الله عما سواه كل ما يتعلق به المشركون، فنفى أن لغيره ملك أو قسط منه، أو يكون عونًا لله، ولم يبق إلا لشفاعة فبين أنها لا تنفع إلا لمن أذن له الرب، فالشفاعة التي يظنها المشركون منتفية كما نفاها القرآن، وأخبر النبي ﷺ أنه يأتي فيسجد لربه ويحمد لا يبدأ بالشفاعة أولًا، ثم يقال له ارفع رأسك وقل تسمع وسأل تعطه واشفع تشفع، وقال له أبو هريرة ﵁: من أسعد الناس بشفاعتك قال: "من قال لا إله إلا الله خالصًا من قلبه" فتلك الشفاعة لأهل الإخلاص بإذن الله، ولا تكون لمن أشرك بالله، وحقيقته أن الله سبحانه هو الذي يتفضل على أهل الإخلاص فيغفر لهم بواسطة دعاء من أذن له أن يشفع، ليكرمه وينال المقام المحمود فالشفاعة
1 / 197