372

مجموعة مختارات رسائل جاحظ

رسائل الجاحظ

ایڈیٹر

عبد السلام محمد هارون

ناشر

مكتبة الخانجي، القاهرة

اشاعت کا سال

1384 ه - 1964 م

اصناف

بلاغت

قيل لهم: إن قلوب البالغين مسخرة لمعرفة رب العالمين، ومحمولة على تصديق المرسلين، بالتنبيه على مواضع الأدلة، وقصر النفوس على الروية، ومنعها عن الجولان والتصرف، وكل ما ربث عن التفكير، وشغل عن التحصيل، من وسوسة أو نزاع شهوة؛ لأن الإنسان ما لم يكن معتوهأ أو طفلأ، فمحجوج على ألسنة المرسلين، عند جميع المسلمين. ولا يكون محجوجا حتى يكون عالما بما أمر به، عارفا بما نهي عنه؛ لأن من لم يعلم في أي الضربين سخط الله، وفي أي نوع رضاه، ثم ركب السخط أو أتى الرضا لم يكن ذلك منه إلا على اتفاق. وإنما الاستحقاق مع القصد. والله تبارك يتعالى عن أن يعاقب من لم يرد خلافه، ولم يعرف رضاه. أو يحمد من لم يعتمد رضاه، ولم يقصد إليه.

ولم يكن الله تعالى ليعدل صنعته ويسوي أداته ويفرق بينه وبين المنقوص في بنيته وتركيبه، إلا ليفرق بين حاله وبين الطفل والمعتوه. وليس للمعرفة وجه إلا لتبصيره وتخييره، ولولا ذلك لم يكن للذي خص به من الإبانة وتعديل الصنعة، وإحكام البنية معنى. والله تعالى عن فعل ما لا معنى له.

وفي قول الله تعالى: " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " دليل على ما قلنا. وليس لأحد أن يخرج بعض الجن والإنس من أن يكون خلق للعبادة إلا بحجة، ولا حجة إلا في عقل، أو في كتاب، أو خبر.

صفحہ 42