تعليق : هنا تأمل كيف جعل أمير المؤمنين (ع) ، فدك في أيديهم ، وما كان في يد فاطمة (ع) ، فهو في يد علي (ع) ، وفي يد ولدها ، وتأمل أيضا أن سياق هذا الكلام ، كان واقعا ضمن كتاب يزهد فيه أمير المؤمنين (ع) عثمان بن حنيف الأنصاري في أمر الدنيا ، فيذكر الإمام (ع) مستطردا حاله ، وزهده عن فدك ، التي كانت بأيديهم ، وأنهم ما تركوها إلا سخاء منهم ، عندما شحت النفوس عليها ، فافهم ذلك ، فهذا أصل قوي يمسك به . نعم ! قال الإمام يحيى بن حمزة (ع) ، في الديباج الوضيء شارحا لكلام الإمام السابق : (( "قد كانت في أيدينا فدك من كل ما أظلته السماء" : فدك : قرية قريبة من المدينة نحلها (تأمل) رسول الله فاطمة ، وأعطاها إياها، وكانت مما لم يوجف عليه بخيل ولا بركاب، فكان رسول الله يأخذ منها لخاصة نفسه ما يحتاجه، ثم أعطاها بعد ذلك فاطمة ... ، "فشحت عليها نفوس قوم" : يشير إلى ما كان من تيم وعدي وبني أمية، وإنما عدى شحت بعلى ؛ لأن الشح في معنى الحرص، فإن فاطمة عليها السلام أخبرت بأن أباها نحلها إياها (تأمل) ، فمنعها أبو بكر ذلك، وكان هذا من أقوى ما يذكر في مطاعن خلافته ، مع ما كان من حديث الميراث ، وغير ذلك من المطاعن، فإنها لما ادعتها قال لها أبو بكر : أثبتي برجلين أو برجل وامرأتين، فقد قيل: إنها جاءت بأمير المؤمنين فأبى ذلك، ولعله [أي أبو بكر] كان يذهب إلى بطلان الحكم بالشاهد واليمين للمدعي، وفاطمة تذهب إلى جواز ذلك . "وسخت عنها نفوس آخرين" : يشير إلى نفسه وفاطمة والحسن والحسين، وإنما عداه بعن؛ لأن السخاوة متضمنة لانقطاع الرغبة عن الشيء المسخو به، فلهذا عداه بعن؛ لأنهم لما رأوا من كثرة المطالبة فيها أهملوها وتركوها. "ونعم الحكم الله" : بين الخلائق، أو فيما ندعي من فدك وغيرها))(1)[2] ، اه بحروفه ، ويقول ابن أبي الحديد المعتزلي في الشرح : ((سامحت وأغضت ، وليس يعني هاهنا بالسخاء إلا هذا ، لا السخاء الحقيقي ، لأنه (ع) وأهله لم يسمحوا بفدك إلا غصبا وقسرا))(2)[3] .
2- روى أبو العباس الحسني (ع) في المصابيح ، بإسناده ، عن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، قال : (( جاءت فاطمة بنت رسول الله إلى أبي بكر ، فقالت: إن رسول الله أعطاني (تأمل) فدكا في حياته ... إلخ )) (3)[4] .
تعليق : الغرض هنا هو الإشارة لثباتية النحلة من الرسول (ص) للزهراء (ع) ، وسنأتي على الخبر كاملا ، عند مناقشة روايات كيفية مطالبة الزهراء (ع) بفدك .
3- روى أبو العباس الحسني (ع) في المصابيح ، بإسناده ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه : (( أن فدكا تسع قريات متصلات ، حد منها مما يلي وادي القرى ، غلتها في كل سنة ثلاثمائة ألف دينار، لم تضرب بخيل ولا ركاب ، أعطاها (تأمل) النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة -عليها السلام- قبل أن يقبض بأربع سنين ، وكانت في يدها تحتمل غلاتها، وعبد يسمى جنيرا وكيلها ... إلخ ))(4)[5] .
صفحہ 3