--- فأما قولك _أيدك الله تعالى_ إنه لم يقع تخفيف على الرعية، فما يمنع بشهادة الله عز وجل من التخفيف على الرعية إلا ضرورة الحال, من قبل كثرة أعداء الحق، وطلبهم لإهلاك دار الإسلام، فإنه صار في وجوهنا_ وفقك الله_ جند العجم والعرب، وهما فريقان قويان، وقد كانت العرب كافية في الإضرار بالدين, فزادت قوة العجم وهي أعظم وأكثر، ولم يمكن الجهاد إلا بالجند, ولا انتظم لنا الجند إلا بالمال، ولم نحصل المال إلا من أربابه، والدين دين الله عز وجل، والأموال أملاكه، والكل منا عبيده، وقد أمر تعالى بالتصرف في حماية دينه ببعض أملاك عبيده, وما لا يتم الواجب إلا به يكون واجبا كوجوبه، ورجونا إن شاء الله تعالى أن يعز الله الدين, ويقع التخفيف عن المسلمين.
وقد عرف الشيخ الفاضل أنا في هذه الحرب التي فرغنا منها ما أمكننا أن نكافي الكافرين والمارقين، وما ذلك إلا لقلة الأموال، فكيف يظن ظان أنا قد أخذنا من الأموال ما يكفي في الدفع عن أديان المسلمين؟! مع أنه لم يمكنا الذب عن بلادهم، وقد زادت البلوى وعظمت من أجل أن الدين أتي من وسطه، فتقوت بذلك شوكة الكافرين. فنسأل الله تعالى النصر والتأييد, والإعانة والتسديد, بحقه العظيم.
وأما قوله _أيده الله _يجب أن يكون ما يدفع أكثر مما يؤخذ، وقد علمنا أنه قد انتهى الحال بكثير من الرعية إلى الانتقال من ماله ومنزله، فما الضرر المدفوع عنهم؟! فإنا نقول: إن الضرر المدفوع عنهم هو أعظم من أخذ المال المأخوذ, ولو استوعب جميع المال وأدى إلى الانتقال، لأن ذلك الضرر هو زوال الدين وانهدام الإسلام، وظهور الكفر والعدوان، وهلاك المال كله لأجل سلامته من أعظم البر عند رب العالمين، لأن الله تعالى أمر بالجهاد بالمال كله والنفس معه، فكيف بالمال وحده؟!
صفحہ 67