ولما تقلدنا قلائد الزعامة، وتحملنا أثقال الإمامة، سار العلماء إلينا أرسالا من كل فج عميق, ومكان سحيق، قياما بما يلزمهم من إجابة الواعية, وإخالة لبارق كانوا فيه على الرجاء والطماعية، وكانوا يغدون في ميدان الاختبار, ويجاروننا صباح مساء في ذلك المضمار، فسبقنا سوابق فرسانه, واستبددنا برهانه في طويل ميدانه، وقامت من الإمامة دلائلها، وسارت فضائلها، فحينئذ اتضح الحق, وتعين فرض الإمامة على كافة الخلق، وازدحموا على البيعة ازدحام الإبل الهيم على حياضها، والحدابير المسنة على رياضها، وكانوا عند ذلك بين متنكب قوسا، أو متقلد سيفا، أو معتقل رمحا, يمشي إلى صف, أو يتقدم في رجف, وبين قارع منبرا, أو قارئ دفترا، هذا يقوم بجمعتها، وهذا يدعو إلى جماعتها، وهذا يتحدث في فضائل صاحبها، وهذا متبطئ إلى الآفاق بدعوتها مطاء نجايبها.
ولما رأتهم الدهماء كذلك قلدوهم فيما لا يعرفونه إلا من جهتهم, وضموه إلى ما تتناوله معرفتهم من خصالها التي تستوي في معرفتها العالم والجاهل، والنبيه والخامل، وأعطونا صفقتهم طائعين، وأنفقوا أموالهم متقربين، وساروا في مقامات الجلاد كأنهم إلى نصب يوفضون, حتى قمعنا نواجم الضلالة، وطمسنا رسوم الجهالة، وصار أنف الإسلام كله لنا، ونحن في خلال ذلك ندعو بني عمنا إلى النصرة، ونقول: أنتم وجوه الأسرة، وأعلام العترة، وهم مرة ينتقصون الإمام والإمامة، ومرة يقولون: نحن أولى بالزعامة، ومرة يصدون عن أمر الله ويبغونها عوجا، ومرة يكاتبون سلطان اليمن نظما ونثرا، ويلتمسون من لديه فرجا ونصرا، بغيا وحسدا،? أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما } .
هذا أميرهم أحمد بن الإمام المنصور بالله عليه السلام يقول (( لعمر سلطان اليمن في أحد مكتوباته المصونة, وأسراره المخزونة:
رقدت وطاب النوم لي وكفيتني ... وكل فتى يكفى الهموم ينام
وقال:
--- إذا أيقظتك صعاب الأمور ... فنبه بها عمرا ثم نم
صفحہ 3