--- أما تستحيون من الله؟! أما تخافون عاجل النقمة, بترك التناهي وكفر النعمة؟! أما سمعتموه تعالى يقول لقوم: { لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون، ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم، أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون، ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إيه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون } . انظر في هذه الآيات هل بعدت منكم في معانيها؟! أو سلمتم مما فيها. ألم تعلم أن الله سبحانه يحكم على بقية بني إسرائيل في وقت رسول الله صلى الله عليه بأنهم قاتلون للأنبياء الذين قتلهم أسلافهمو فقال تعالى: { فلم يقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين } . وزمانهم غير زمانهم, ومكانهم غير مكانهم, لما كانوا مطابقين لهم على الرضاء بتلك الأفعال، فكيف تنكرون قتل العلماء وأنتم مباشرون لذلك؟! وسالكون في قتلهم أوضح المسالك؟!
ومن العجائب أنه بلغنا أنهم ربما ينتقصوننا، والنقص علينا وعليهم واحد، لأن القاسم بن إبراهيم يجمعنا, وإن كانوا يقولون من هنالك: إنهم جادوا وذللنا!! فإن كان الكلام في شرف الدنيا فنحن قبل قيام المنصور كما تعرفون إن لم نزد عليهم لم ننقص عنهم, إلا أن يكابروا فبيننا في ذلك قبائل همدان, فالكل بين أظهرهم حاسدنا ومحسودنا, وناشئنا ووليدنا, وما غطى ولا كتم, من استشهد السواد الأعظم, وإن كانوا في شرف الأخوة، فالإمام المنصور بالله عليه السلام يقول ليس بينه وبين محمد صلى الله عليه إلا من هو من أهل الجنة, ونظم ذلك فقال:
والله ما بيني وبين محمد ... إلا امرئ هادي نماه هادي
وهذا لعمر الله شرف عميم, وكرم جسيم, لا ننكره ولا نرده ولا نحسده عليه، وكذلك ما قال في نفسه نطما ونثرا من حملها على الفضائل, ورفعها عن الرذائل, كما قال:
--- فلا والله ما قارفت ذنبا كبيرا ... مذ ملكت جفون عيني
صفحہ 10