الفصل الأول من المجموع اللفيف
«مختارات تراثية في الأدب والفكر والحضارة» تأليف القاضي أمين الدولة محمد بن محمد بن هبة الله الحسيني الأفطسي المتوفى بعد 515 ه/ 1121 م تحقيق الدكتور يحيى وهيب الجبوري أستاذ بجامعة إربد الأهلية
صفحہ 25
بسم الله الرحمن الرحيم*
والحمد لله وحده.
[دعاء إبراهيم]
انظر إلى قول الله عز وجل: (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا)
[1] ، ضيق إبراهيم، واشترط الرزق للمؤمنين، فوسع الله عز وجل، المولى الكريم، وقال:
(ومن كفر) *
فسبحان من هو كما قال بعض الصالحين: «أنا في جراية من إذا غضب رزق» ، وقد فسر قوله عز وجل: (خير الرازقين) *
[2] على هذا النحو.
قال الوزير الكامل أبو القاسم الحسين بن علي بن الحسين المغربي [3] رضي الله عنه، فيما رأيته بخطه: «رأيت في سورة الحديد شيئا كأنه موعظة لي ولأشباهي، قوله الله عز وجل: (ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم
صفحہ 27
أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور (14) فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا)
[1] ، يدلك أن الخطاب الأول للمسلمين المتربصين بالعبادة مثلي، فواحسرتا إن لم يغفر الله ويتداركنا برحمته.
قال عبد الملك لزفر بن الحارث الكلابي [2] : بلغني أن كندة [3] تدعيك، قال: وما خير رجل لا يدعى [1 ظ] رغبة، أو ينتفى منه حسدا.
[أولاد الديلميات]
ومن العرب أولاد الديلميات [4] : حوشب بن يزيد (بكري) [5] ، ومطرف ابن المغيرة بن شعبة (ثقفي) [6] ، وخالد بن عتاب بن ورقاء (تميمي) [7] ، وسالم
صفحہ 28
ابن قتيبة (باهلي) ، وسالم بن قتيبة (باهلي) [1] .
قال بعض الفلاسفة: طول الحمية منهكة، وتركها مهلكة.
[قال] أرسطاليس [2] : الملك الذي يعمر بيوت أمواله بخراب بلدانه، مثل المطين سطح بيته من أساس حيطانه.
قال تميم بن نصر بن سيار لأعرابي: أأصابتك تخمة قط؟ قال: أما من مالك ومال أبيك فلا.
[تفسير آية]
انظر وأعجب من قول الله عز وجل: (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم)
[3] ، وكيف لم يقل : حطب جهنم، فإنه لو قال: حطب جهنم، لدل على انقضاء العذاب، كما يفنى الحطب في النار، فدل على الخلود فيها، نعوذ بالله منه، بقوله حصب، وأراد أنهم في النار بمنزلة الحصباء في معادنها، ثباتا وخلودا، وأن كان فناء بطيئا، بل أراد أنهم بمنزلة الحصى من الأرض، نسأل الله توفيقا لما أغرب عن ذلك المقام، وأعفى من ذلك الغرام، ونتوجه إليه بمحمد وآله عليهم أفضل الصلاة والسلام» . هذا كلام الوزير رحمه
صفحہ 29
الله، وحكاية ما نقلته بخطه.
قال رحمه الله: «مسألتان في سورة الروم تحتاجان [2 و] إلى فكر طويل، فانظر فيهما إن شاء الله، قوله عز وجل: (وهم عن الآخرة هم غافلون)
[1] ، وقوله عز وجل: (من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين)
[2] » .
قال: أنشدونا: [المتقارب]
أحبوا البنات فحب البنات ... فرض على كل نفس كريمه
فان شعيبا لأجل البنات ... أخدمه الله موسى كليمه
ويروى لعلي عليه السلام، من قصيدة طويلة، وليس له: [3] [الرجز]
وشر ما يبلى به ... الفتى الصدر الحرج
إن سامه الصبر أبى ... وأن ضيقا ونشج
كالجمل السوء إذا ... حملته رغا وضج
[شعر لأبي العميثل]
قال أبو العميثل: [4]
صفحہ 30
أقوى من آل أمامة المروت ... فالمر فالثلمان فالثلبوت [1]
يا راكبا بكرت به ليزورهم ... ببلادهم شدنية تربوت [2]
نجد فأكناف الحجاز فغوره ... منهم بلاقع كالأكف مروت [3]
بكروا كأن حدوجهم بحرية ... يعلو بها ثبج الفرات النوت [4]
رعبت لجيرتنا الذين تحملوا ... قلب بمدفع ثادق وقلوت [5]
بانوا ولم يأووا لدى كلف بهم ... أسوان يحيى مرة ويموت [2 ظ-]
ولقد طلبتهم لأدرك حاجة ... عوصاء أعلم أنها ستفوت
وإذا طمعت بها تعرض دونها ... كره اللقاء يرونني مذعوت [6]
ووراءه يا ليت ذلك دونه ... ظبي عليه الدر والياقوت
يسبي القلوب له أنامل طفلة ... حمر كأن خضابهن التوت
ومعكف قرن الغزالة تحته ... وحف وطرف خلب خلبوت [7]
وكأن رقدتها لآخر رقدة ... راح وماء غمامة بيوت
راح تضمن حرسها بختامه ... عامين بعد ختامها الحانوت [8]
وكأن منطقها من السحر الذي ... روى ببابل أهلها هاروت [9]
صفحہ 31
ولها وشاح ذو وساوس جائل ... سلس وحجل لا يجول صموت
قصر الحياء حجابه منها على ... عصماء معقل غفرها المأموت [1]
غرثى الوشاح وكل نقبة كاعب ... عنها مقصرة اللفاق فلوت [2]
لا تبكها فتلام وابك أخا على ... حجرات جثوة قنوة الينبوت [3]
متلاف ما جمعت يداه له فلا ... مال أخو فنخ ولا سبروت [4]
يكفيه بعد قضاء ما ينتابه ... من حق مختبط أتاه القوت [5]
والجار لا مقصى المحل ولا إذا ... قرب المحل ببيته مقتوت [6] [و] [7]
والسم والسلع الأمر لمن قلى ... ولمن يود السمن والسنوت [8]
فاغتاله هار الجوانب مظلم ... فيه صداه ولوحه المنحوت [9]
صفحہ 32
إن المنية لا يعزى سوقة ... منها ولا ملك له جبروت
اللزاق: النكاح، وأنشد: [الرجز]
لما رأت أنك بئس الساقي ... ولست بالمحمود في اللزاق
[قال ديك الجن]
لديك الجن: [1] [الطويل]
وإني لأستحييك أن أنطق الهوى ... وأن أتعدى خلسة اللحظات
وأن أطلق الأمر الذي فيه سبة ... عليك ولو قطعتني حسرات
سأطوي الهوى تحت الحشا طي نازح ... قضى وطرا إن لم تبح عبراتي
فأصبر للهجران حتى تملني ... وأدفع عنك الحق بالشبهات
وأنشد: [الطويل]
حليم مع التقوى شجاع مع النهى ... ند حين لا يندى السحاب سكوب
شديد نياط القلب في الموقف الذي ... به لقلوب العالمين وجيب
وأنشد [الطويل]
وأحسن ثوبيك الذي هو لابس ... أخوك ومهريك الذي هو راكب [3 ظ]
[شمر الحميري]
بعض ملوك اليمن يقال له شمر الحميري [2] ، لما رأى من بنيه ما سره قال: [مخلع البسيط]
صفحہ 33
هون فقد الحياة أني ... خلفت ذكرا على الزمان
فالآن فلترشف المنايا ... ما أسأر الدهر من حناني [1]
عبد الله بن وهب [2] : إياكم والغيبة فانها جهد العاجز.
وأنشد: [مجزوء الوافر]
كأن فؤادة قلقا ... لسان الحية الفرق
قيل للجماز [3] : ويلك، كم تلوط، إن اللواط إذا استحكم صار حلاقا [4] ، قال: هيهات، هذا من أراجيف الزناة.
أول ما يبدأ السمن في اللسان والكرش، فآخر ما يبقى في السلامى والعين، والسلامى: عظام صغار على طول الإصبع أو قريب منها، في كل يد أو رجل أربع سلاميات.
[وصية لعلي بن أبي طالب]
كميل بن زياد النخعي [5] قال: أخذ بيدي أمير المؤمنين علي صلوات الله
صفحہ 34
عليه، فأخرجني إلى الجبان، فلما أصحر [1] تنفس الصعداء، ثم قال: [2] ((يا كميل بن زياد، إن هذه القلوب أوعية، فخيرها أوعاها، فاحفظ ما أقول لك:
الناس ثلاثة؛ فعالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق، يا كميل بن زياد [4 و] العلم خير من المال، العلم يحرسك، والمال تحرسه [3] ، والمال تنقصه النفقة، والعلم يزكو على الإنفاق [4] ، والعلم حاكم، والمال محكوم عليه، يا كميل بن زياد، هلك خزان الأموال، والعلم باق والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وآثارهم موجودة، ها إن هنا لعلما جما- وأشار إلى صدر- لو أصبت له حملة، بلى أصبت لقنا غير مأمون، مستعملا آلة الدين للدنيا، ومستظهرا بنعم الله على أوليائه [5] ، ويحججه على دينه، أو منقادا لأهل الحق لا بصيرة له في إحنائه، ينقدح الشك في قلبه الأول عارض من شبهة، ألا، لا ذا ولا ذاك، أم منهوما باللذة، سلس القياد للشهوة، أم مغرما [6] بالجمع والإدخار، ليسا من رعاة الدين في شيء، أقرب شبها بهم الأنعام السائمة [7] ، اللهم بلى، لا تخلو الأرض من قائم لله بحججه، إما ظاهرا [مشهورا] أو خائفا مغمورا، لئلا تبطل حجج الله وبيناته، وكم ذا، وأين أولئك، الأقلون عددا، الأعظمون قدرا بهم يحفظ الله حججه وبيناته، حتى يودعوها في قلوب أشباهم [8] ، هجم بهم العلم على
صفحہ 35
حقيقة البصيرة، وباشروا أرواح اليقين، واستلانوا ما استوعر المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى، أولئك خلفاء الله في أرضه، والدعاة [4 ظ] إلى دينه، آه آه شوقا إلى رؤيتهم، انصرف إذا شئت)) [1]
[من خطب النبي صلى الله عليه وسلم]
خطب رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: [2] (يا أيها الناس، كأن الموت على غيرنا كتب، وكأن الحق على غيرنا وجب، وكأن الذين نشيع من الأموات سفر، عما قليل إلينا راجعون، نبوؤهم أجداثهم، ونأكل تراثهم، كأنا مخلدون بعدهم، قد نسينا كل واعظة، وأمنا كل جائحة [3] ، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، وأنفق في مال اكتسبه من غير معصية، ورحم أهل الضر والمسكنة، وخالط أهل الفقه والحكمة، طوبى لمن ذل في نفسه، وحسنت خليقته، وصلحت سريرته، وزالت عن الناس شرته، طوبى لمن عمل بعلم، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله، ووسعته السنة، ولم يعدها إلى بدعة) .
أوحى الله تعالى إلى موسى بن عمران عليه السلام: «يعز عن الشيء إذا منعته لعلمك بقلة ما يصحبك إذا أعطيته» .
[قال الأصمعي]
الأصمعي [4] قال: قلت لأعرابي: ما الذي غيرك؟ قال: سوء الغذاء،
صفحہ 36
وجدوبة المرعى، وطوال تناجي الهموم في صدري. اللهم احفظني من بوائق [1] الثقات، وعداوة القربات.
[رسالة لعلي بن أبي طالب]
قال ابن عباس [2] رضي الله عنه: ما انتفعت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلام كلمات كتب بهن إلي أمير المؤمنين [5 و] عليه السلام، كتب إلي: [3] «أما بعد فإن المرء قد يسره [درك] [4] ما لم يكن ليفوته، وسوؤه فوت ما لم يكن ليدركه، فليكن سرورك بما نلته من آخرتك، وليكن جزعك [5] على ما فاتك منها، وما نلت من دنياك، ولا تكثر به فرحا، وما فاتك فلا تكثر عليه ترحا [6] ، وليكن همك فيما بعد الموت» .
صفحہ 37
[بعض الحكماء]
قال بعض الحكماء: ليس أحد أنصفه زمانه فتصرفت به الحال حسب استحقاقه، ولن نجد الناس إلا أحد رجلين؛ إما متأخر في نفسه قدمه حظه، أو متقدم في نفسه أخره دهره، فارض بالحال التي أنت فيها، وإن كانت دون أملك واستحقاقك اختيارا، وإلا رضيت بها اضطرارا.
[أبو العيناء]
قال أبو العيناء: [1] رأيت صيادا معه بومتان [2] فساومته بهما، قال:
الكبرى بدرهمين، والصغرى بثلاثة، قلت: وكيف صارت الصغرى أغلى من الكبرى؟ قال: لأن شؤمها في إقبال.
[مختارات شعرية]
أنشد: [الطويل]
كتمت الهوى الأعداء حتى تبينت ... لهم بالبكاء عين مريع سجومها
كشمة ممتاح إذا الماء بلها ... أرش بما فيها عليه هزومها
على كبدي منكم صدوع قديمة ... وحادثة لما تجف كلومها
الحارث بن المصرف العقيلي: [5 ظ] [الطويل]
ألا ليت شعري هل أسوقن بالحمى ... وبالهضب أنقاضا مبينا كلالهما
وقد زودتني الوالبية نظرة ... طويلا على مر الليالي مطالها
بمكحولة بالسحر وسنان طرفها ... شديد على لب الحليم استمالها
ومن يبتذل عينيه في الناس لا يزل ... يرى حاجة محجوبة لا ينالها
قيل لبعض الشيعة: معاوية خالك؟ قال أمي نصرانية، والأمر إليه. لابن
صفحہ 38
حميس [1] يمدح الجعفريين: [الكامل]
لو كان يوجد عرف عود قبلهم ... لوجدته منهم على أميال
لو جئتهم لرأيت بين بيوتهم ... كرما يقيك مواقف التسآل
نور النبوة والمكارم فيهم ... متصرف في الشيب والأطفال
أعرابي: [الطويل]
محا حب ليلى ذنب ليلى فأصبحت ... إذا لم تجد ذنبا علي تجنت
فيا حبذا إدلال ليلى وقولها ... هممت بهجري وهي بالهجر همت
فما أم سقب هالك بمضلة ... إذا ذكرته آخر الليل حنت
بأفضل مني لوعة غير أنني ... أطامن أحشائي على ما أجنت
[قال الكندي]
قال الكندي [2] : ما أكثر ما نسمع من الطرائف، فمن ذلك [6 و] ما عندكم من الأوصاف للسواك ومنفعته، وهو يذهب ماء الوجه، ويقلقل الأسنان ويرقها، ويوسع خصاص الأضراس، ويورث ضعف البصر وضمور الدماغ، وبحسبك أن بعض الشعراء يقول قديما: [الطويل]
وما أهلك الديلي إلا سواكه ... وما أهلك الأسنان إلا التخلخل
ابن الطثرية: [3] [الوافر]
صفحہ 39
أروع حين يأتيني رسول ... وأكمد حين لا يأتي رسول
أؤملكم وقد أيقنت أني ... إلى تكذيب آمالي أأول
[المأمون وإبراهيم بن المهدي]
قال المأمون لإبراهيم بن المهدي [1] : اعترف بذنبك أولا، ثم اعتذر منه، فقال إبراهيم: ذنبي أعظم من أن أنطق فيه بعذر، وعفو أمير المؤمنين أجل [من] أن أتفوه فيه بشكر، فقال المأمون: هذا والله كلام يميت الأحقاد.
[روى أبو عمرو بن العلاء]
قال: أخبرنا عبد الرحمن عن عمه، عن أبي عمرو بن العلاء [2] قال:
رأيت غلاما من جرم باليمن ينشد عنزا، فقلت: صفها لي يا غلام، قال:
حسراء مقبلة، شعراء مدبرة، ما بين غثرة الدهسة، وقنو الدبسة، سجماء الخدين، خطلاء الأذنين، ما لها أم عيال، وثمال مال.
غثرة: كدرة، الدهسة: لون الدهاس من الرمل، والقنو: شدة الحمرة، والدبسة: [6 ظ] حمرة تعلوها غبرة.
صفحہ 40
[ثقل المروءة]
قال محمد بن عمران التيمي قاضي أهل المدينة: ما شيء أثقل من حمل المروءة، قيل: وأي شيء المروءة؟ قال: ألا تعمل شيئا في السر تستحي منه في العلانية وأنشد: [الطويل]
حديث الغنى نزر العطاء يزيده ... على المال شحا طول ما عالج الفقرا
ومثله: [الطويل]
سل الخير أهل الخير قدما ولا تسل ... فتى ذاق طعم العيش منذ قريب
[كسرى وهوذة الحنفي]
قال كسرى لهوذة بن علي الحنفي: [1] ما لك من البنين؟ قال: عشرة، قال: فأيهم أحب إليك؟ قال: الصغير حتى يكبر، والغائب حتى يقدم، والمريض حتى يبرأ، قال: فما غذاؤك في بلدك؟ قال: البر [2] ، قال: هذا عقله.
طلحة بن عبد الله [3] ابن أخي عبد الرحمن بن عوف [4] .
صفحہ 41
[ابن برة]
. شعر: [البسيط]
وفارس كالشهاب ترهبه ال ... فرسان يدعى من بأسه حطمه
يممني ويكتني علي فلم ... تسمع له بعد طعنتي كلمه
دونك لا تكتني علي فما ... تقتلني إن قتلتني ابن أمه
برة أمي إذا انتسبت وبال ... بطحاء داري بالبلدة التهمه
بازية بين بازيتين ولم ... تخلق بغاثا أمي ولا رخمه
[للشطرنجي]
لأبي حفص الشطرنجي [1] في الشكر: [الطويل]
دعيني أسير شكره وثناءه ... إذا لم يكن لي بالجزاء يدان
وإني إذا أوفى الصنيعة حقها ... وهيهات لا تجزى يد بلسان
[أبو نواس وأبو عبيدة]
روي أن أبا نواس [2] جاء إلى حلقة أبي عبيدة [3] ، وهو في صفة المعادن، يقول: معدن بني سليم ينبت فيه الذهب، مثل عنق البعير، ومعدن
صفحہ 42
كذا ينبت فيه كذا، وجعل يصف المعادن وما ينبت فيها، فأخرج أبو نواس ذكره، ثم قال: في أي معدن ينبت هذا يا أبا عبيدة؟ فقال له: قم أخزاك الله، فقال له: يا خلف [1] ما عليك لو قلت: في حر أمك.
[مكاسب الأنذال]
أنشد ثعلب [2] : [الكامل]
سقطت نفوس ذوي العقول فأصبحوا ... يستحسنون مكاسب الأنذال
ولعل ما عثر الزمان فساءني ... إلا صبرت وإن أضر بحالي
رأي الحسن رجلا طريرا [3] له هيئة، فقال: ما هذا؟ فقالوا: يضرط للملوك، فقال: لله أبوه، ما طلب أحد الدنيا بما يشبهها إلا هذا.
[ابن القرية والحجاج]
قال: أخبرنا أبو حاتم، عن أبي عبيدة، عن يونس، قال: كان أيوب بن القرية [4]
صفحہ 43
أعرابيا أميا، أصابته السنة [1] ، فقدم عين التمر [2] ، وعليها عامل للحجاج بن يوسف، وكان العامل يغدي كل يوم ويعشي، فوقف ابن القرية ببابه [7 ظ] فرأى الناس يدخلون، فقال: أين يدخل هؤلاء؟ قالوا: إلى طعام الأمير، فدخل فتغدى، فقال: أكل يوم يصنع الأمير ما أرى؟ فقيل: نعم، فكان يأتي كل يوم بابه للغداء والعشاء، إلى أن ورد كتاب من الحجاج على العامل عربي غريب لا يدرى ما هو، فأخر لذلك طعامه، وجاء ابن القرية فلم ير العامل يتغدى، فقال: ما بال الأمير اليوم لا يأكل ولا يطعم؟ قالوا: أغتم لكتاب ورد عليه من الحجاج عربي غريب، لا يدري ما هو، قال: ليقرئني الأمير الكتاب، فأنا أفسره إن شاء الله، فذكر ذلك للوالي، فدعا به، فلما قرأ عليه الكتاب عرف ابن القرية الكلام، واستدل ببعض المعاني على بعض، وفسر ذلك للوالي، حتى عرفه جميع كتابه، فقال له: أفتقدر على جوابه؟ فقال: لست أقرأ ولا أكتب، ولكن أقعد بين يدي كاتبين، يقرأ أحدهما ويكتب الآخر، ففعل، فكتب جواب الكتاب، فلما قرئ الكتاب على الحجاج رأى كلاما غريبا، فعلم أنه ليس من كلام كتاب الخراج، فدعا برسائل عامل عين التمر فنظر فيها، فإذا هي ليست ككتاب ابن القرية، فكتب الحجاج إلى العامل: أما بعد، فقد أتاني كتابك بعيدا من جوابك بمنطق غيرك، فإذا نظرت في كتابي هذا فلا تضعه من يدك حتى تبعث إلي بالرجل الذي صدر [8 و] لك الكلام والسلام.
فقرأ العامل الكتاب على ابن القرية فقال: أقلني، قال: لا بأس عليك، وأمر له بكسوة ونفقة، وحمله إلى الحجاج، فلما دخل عليه قال: ما اسمك؟
قال: أيوب، قال: اسم نبي، وأظنك أميا تحاول فلا يستصعب عليك المقال، وأمر له بنزل ومنزل، فلم يزل يزداد به عجبا حتى أوفده على عبد الملك بن
صفحہ 44
مروان، فلما خلع ابن الأشعث [1] بسجستان [2] بعثه الحجاج إليه، فلما دخل عليه قال: لتقومن خطيبا ولتخلعن عبد الملك، ولتسبن الحجاج، أو لأضربن عنقك، قال: أيها الأمير، إنما أنا رسول، قال : هو ما أقول لك، فخطب فخلع عبد الملك وشتم الحجاج، وأقام هنالك، فلما انصرف ابن الأشعث كتب الحجاج إلى عماله بالري [3] وأصفهان [4] وما يليهما يأمرهم ألا يمر بهم أحد من قبل ابن الأشعث إلا بعثوا به اليه، وأخذا ابن القرية فيمن أخذ، فلما أدخل إلى الحجاج قال: أخبرني عما أسألك عنه، قال: سلني عم شئت، قال: أخبرني عن أهل العراق؟ قال: أعلم الناس بحق وباطل، قال: فأهل الحجاز؟ قال: أسر الناس إلى فتنة، وأعجزهم فيها، قال: أهل الشام؟ قال:
صفحہ 45