مجموع الفتاوى
مجموع الفتاوى
ناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف-المدينة المنورة
پبلشر کا مقام
السعودية
أَحَدُهُمَا: أَمْرٌ بِمَا لَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ بِهِ كَالشِّرْكِ وَنَهْيٌ عَمَّا لَمْ يَنْهَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَحْرِيمِ الطَّيِّبَاتِ. فَالْأَوَّلُ: شِرْعٌ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ. وَالثَّانِي: تَحْرِيمٌ لِمَا لَمْ يُحَرِّمْهُ اللَّهُ. وَكَذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ حَدِيثِ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ: عَنْ النَّبِيِّ ﷺ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿إنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ فَاجْتَالَتْهُمْ الشَّيَاطِينُ فَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا﴾ . وَلِهَذَا كَانَ ابْتِدَاعُ الْعِبَادَاتِ الْبَاطِلَةِ مِنْ الشِّرْكِ وَنَحْوِهِ: هُوَ الْغَالِبُ عَلَى النَّصَارَى وَمَنْ ضَاهَاهُمْ مِنْ مُنْحَرِفَةِ الْمُتَعَبِّدَةِ وَالْمُتَصَوِّفَةِ، وَابْتِدَاعُ التَّحْرِيمَاتِ الْبَاطِلَةِ هُوَ الْغَالِبُ عَلَى الْيَهُودِ وَمَنْ ضَاهَاهُمْ مِنْ مُنْحَرِفَةِ الْمُتَفَقِّهَةِ بَلْ أُصُولُ دِينِ الْيَهُودِ فِيهِ آصَارٌ وَأَغْلَالٌ مِنْ التَّحْرِيمَاتِ وَلِهَذَا قَالَ لَهُمْ الْمَسِيحُ: ﴿وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ﴾ وَأَصْلُ دِينِ النَّصَارَى فِيهِ تَأَلُّهٌ بِأَلْفَاظِ مُتَشَابِهَةٍ وَأَفْعَالٍ مُجْمَلَةٍ فَاَلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ اتَّبَعُوا مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ. قَرَّرْتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ بِأَنَّ تَوْحِيدَ اللَّهِ الَّذِي هُوَ إخْلَاصُ الدِّينِ لَهُ وَالْعَدْلَ الَّذِي نَفْعَلُهُ نَحْنُ هُوَ جِمَاعُ الدِّينِ يَرْجِعُ إلَى ذَلِكَ فَإِنَّ إخْلَاصَ الدِّينِ لِلَّهِ أَصْلُ الْعَدْلِ كَمَا أَنَّ الشِّرْكَ بِاَللَّهِ ظُلْمٌ عَظِيمٌ.
1 / 87