مجموع الفتاوى

ابن تيمية d. 728 AH
86

مجموع الفتاوى

مجموع الفتاوى

ناشر

مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف-المدينة المنورة

پبلشر کا مقام

السعودية

الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ وَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى﴾ - إلَى قَوْلِهِ - ﴿كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى﴾ وَنِسْيَانُهَا هُوَ تَرْكُ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ بِهَا وَإِنْ حَفِظَ حُرُوفَهَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ أَنْ لَا يَضِلَّ فِي الدُّنْيَا وَلَا يَشْقَى فِي الْآخِرَةِ " وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ. فَمَنْ اتَّبَعَ مَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ مُحَمَّدًا ﷺ مِنْ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ هَدَاهُ اللَّهُ وَأَسْعَدَهُ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذَلِكَ ضَلَّ وَشَقِيَ وَأَضَلَّهُ الشَّيْطَانُ وَأَشْقَاهُ. فَالْأَحْوَالُ الرَّحْمَانِيَّةُ وَكَرَامَاتُ أَوْلِيَائِهِ الْمُتَّقِينَ يَكُونُ سَبَبُهُ الْإِيمَانَ فَإِنَّ هَذِهِ حَالُ أَوْلِيَائِهِ. قَالَ تَعَالَى: ﴿أَلَا إنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ وَتَكُونُ نِعْمَةً لِلَّهِ عَلَى عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ فَتَكُونُ الْحُجَّةَ فِي الدِّينِ وَالْحَاجَةَ فِي الدُّنْيَا لِلْمُؤْمِنِينَ مِثْلَمَا كَانَتْ مُعْجِزَاتُ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ كَانَتْ الْحُجَّةَ فِي الدِّينِ وَالْحَاجَةَ لِلْمُسْلِمِينَ مِثْلُ الْبَرَكَةِ الَّتِي تَحْصُلُ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ كَنَبْعِ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ وَمِثْلُ نُزُولِ الْمَطَرِ بِالِاسْتِسْقَاءِ وَمِثْلُ قَهْرِ الْكُفَّارِ وَشِفَاءِ الْمَرِيضِ بِالدُّعَاءِ وَمِثْلُ الْأَخْبَارِ الصَّادِقَةِ وَالنَّافِعَةِ بِمَا غَابَ عَنْ الْحَاضِرِينَ وَأَخْبَارُ الْأَنْبِيَاءِ لَا تَكْذِبُ قَطُّ. وَأَمَّا أَصْحَابُ الْأَحْوَالِ الشَّيْطَانِيَّةِ فَهُمْ مِنْ جِنْسِ الْكُهَّانِ يَكْذِبُونَ تَارَةً وَيَصْدُقُونَ أُخْرَى وَلَا بُدَّ فِي أَعْمَالِهِمْ مِنْ مُخَالَفَةٍ لِلْأَمْرِ. قَالَ تَعَالَى: ﴿هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ﴾ ﴿تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ﴾ الْآيَتَيْنِ. وَلِهَذَا يُوجَدُ الْوَاحِدُ مِنْ هَؤُلَاءِ مُلَابِسًا الْخَبَائِثَ مِنْ النَّجَاسَاتِ وَالْأَقْذَارِ

1 / 84