مجموع منصوری
المجموع المنصوري الجزء الثاني (القسم الأول)
اصناف
المسألة الثالثة والعشرون[ هل الله تعالى مريد بإرادة أم مريد
بذاته؟ وما هو محل الإرادة ]
قال تولى الله هدايته: ثم ننتقل إلى حكم كونه تعالى مريدا لالتقاء البشر والذهول فيقول: إنه تعالى مريدا لذاته أو مريدا بإرادة، وإن كان ذلك يطرد في الحكمين الذين قدمنا السؤال عنهما، ولما كان الحكم واحد كان ما يجاب به في هذه المسألة مطرد في الجملة، فإن يكن تعالى مريدا لذاته فما الوجه في وجوب تخصيص المرادات، وإن يكن مريدا [بإرادة] فهل الإرادة والذات حقيقة واحدة، فيرجع القول إلى أنه مريدا للذات أو حقيقتان، فيحصل من قولنا: ذات حقيقة يجردها الاعتبار الصادق، وإرادة حقيقة أخرى فثبت أن المثنوية بحقيقتين والمثنوية تبطل التوحيد والقدم.
الجواب عندنا: إنه تعالى مريد ولا بد من ذلك لما ذكرنا، لأنا لا نفصل بين التهديد والأمر والنهي إلا بعد إثباته تعالى مريدا، ألا ترى أنه [لا] فرق بين قوله تعالى: ?اعملوا آل داود شكرا?[سبأ:13]، وبين قوله سبحانه وتعالى: ?اعملوا ما شئتم?[فصلت:40]، لأن كل واحدة منهما صيغة أفعل ممن هو أعلى رتبة لولا الإرادة في أحدهما والكراهة في الأخرى، وكذلك لا فرق بين التهديد؛ لأن كل واحد منهما صيغة لا تفعل، ولا فرق بين ذلك إلا بالإرادة أو الكراهة، فقد ثبت بما ذكرناه وذكره أنه لا بد من كونه مريدا، فلا يخلو إما أن يكون مريدا لذاته أو لغيره، وباطل أن يكون مريدا لذاته؛ لأن ذاته مع المرادات على سواء، فكان يجب أن يريد جميع المرادات ومن جملتها القبائح.
صفحہ 245