مجموع منصوری
المجموع المنصوري الجزء الثاني (القسم الأول)
اصناف
المسألة الثانية عشر [ هل يصح أن يكون الله عالما بالمعدومات؟ ]
قال تولى الله هدايته: قيل: إيجاده أعيان ما أوجد لثبوت كونه سابقا في الوجودية، إذ قدمه لا أول له وذلك من شرائط وجوب إلهيته فيماذا فيما لم يزل كأن يتعلق علمه والأعيان غير موجودة، ولا عنده صور معلومة قائمة بذاته مفصلة، ومحال أن يكون غير عالم بها؛ إذ لا يصح مدار الإضافة على غير وجودية لمتضايف حتى تكون هي معلومة عند عدة الأعيان -أعني قبل إيجادها- كالسماء والأرض والنجوم وما بينهما؟.
الجواب: قد بينا تضايف العلم والمعلوم؛ وأنه لا يحتاج إلى الوجودية في التضايف ومثلناه بالقدرة، وأكدناه بذكر ما علمنا من الحساب، والعقاب، والجنة، والنار، وأيضا فإنا نعلم أفعالنا قبل وجودها، ولولا ذلك لما أوجدناها محكمة، وبعد عدمها فيما ذا يتعلق علمنا، ومعلوم أنه لا بد من التعلق إذ كان المعلوم ذاتا كما سبق؛ لولا أن العلم يتعلق بالمعدوم كما يتعلق بالموجود، فثبت أنه لا يجب وجود الأعيان معه في الأول ليصح كونه عالما بها، بل يكفي في ذلك أن يكون مما يصح العلم به والخبر عنه، وقد صح العلم بها في حالة عدمها بل وجب كونه عالما بها، ولولا ذلك لما وجدت محكمة وصح الخبر عنها قبل الوجود، ولذلك أعلمنا الباري سبحانه بما أعده للفريقين قبل وجوده، وكذلك بعده، فيوجد تقدست أسماؤه من معلومه ما يتعلق به الصلاح، لا لضرورة تلجئه، ولا لحاجة تدعوه، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
صفحہ 223