مجموع کتب و رسائل الامام الحسین بن القاسم العیانی
مجموع كتب ورسائل الإمام الحسين بن القاسم العياني
اصناف
من الملحدين فقال: ما أنكرتم من أن تكون الحيوانات لم تزل على ما يرى تحدث نطفة من إنسان وإنسانا من نطفة، وبيضة من طائر وطائرا(1) من بيضة، إلى ما لا نهاية له، ليس لشيء من ذلك أول ولا يكون له انقضاء، ولا خالق للأشياء؟
قيل له ولا قوة إلا بالله: أنكرنا ذلك أشد الإنكار، وذلك أنا قدمنا لك أن في هذه الحيوانات آثار حكمة الحكيم، والحكمة (2) لا تهيأ إلا لعليم (3)، وما كان فيه آثار صنع الحكيم العالم فهو محدث مبتدع، ومنشأ بإذن الله مصطنع، وما صح إحكامه وتدبيره، وإنشاؤه وتقديره، فهو محدث مجعول، ومبتدأ مفعول (4)، وما صح حدثه واجتعاله، ونشأته وافتعاله، فقد صح تناهيه واعتماله.
ألا ترى أن في الحيوانات إبانة صنع الحكيم، والقديم لا يكون فيه آثار علم عليم، إذ القدم أغناه عن الفاقة إلى غيره، والأزل لا يوصف بحاجة إلى الحكيم وتدبيره، إذ هو ممتنع عن علمه وتقديره، فلما وجدنا الحيوانات ليست ممتنعة من التدبير، ولا خلية من الإحكام والتصوير، علمنا أنها بخلاف ما ذكرت، وأنها غير ما وصفت، فقولك: ليس لشيء من ذلك أول هو من أحوال المحال، وأفسد الفساد وأضل الضلال، لأن هذه الحيوانات لا تخلو من أحد وجهين في حال قدمها، وما ادعيت من أزلها:
إما أن تكون على ما ترى من إحكامها وتكويرها، ونعيمها وحياتها وتعميرها.
وإما أن تكون ميتة جامدة، وساكنة لابثة هامدة.
فإن قلت: إنها كانت على ما ترى من كمالها، فذلك (5) دليل على حكمة خالقها وجاعلها.
صفحہ 204