Majmu'at al-Rasa'il al-Kubra li Ibn Taymiyyah
مجموعة الرسائل الكبرى لابن تيمية
ناشر
دار إحياء التراث العربي
پبلشر کا مقام
بيروت
اصناف
به، وهذا القول لا يعرف عن أحد من علماء الأئمة وأئمتها، بل أحمد ووكيع وغيرهما كفروا من قال بهذا القول، ولكن هو الذي نصره الأشعري وأكثر أصحابه، ولكن قالوا مع ذلك أن كل من حكم الشرع بكفره، حكمنا بكفره واستدللنا بتكفير الشارع له على خلو قلبه من المعرفة، وقد بسط الكلام على أقوالهم وأقوال غيرهم في الإيمان.
والأصل الذي منه نشأ النزاع، اعتقاد من اعتقد أن من كان مؤمناً لم يكن معه شيء من الكفر والنفاق، وظن بعضهم أن هذا إجماع كما ذكر الأشعري: أن هذا إجماع، فهذا كان أصل الإرجاء كما كان أصل القدر عجزهم عن الإيمان بالشرع والقدر جميعاً، فلما كان هذا أصلهم صاروا حزبين، قالت الخوارج والمعتزلة: قد علمنا يقيناً أن الأعمال من الإيمان فمن تركها فقد ترك بعض الإيمان، وإذا زال بعضه زال جميعه لأن الإيمان لا يتبعض ولا يكون في العبد إيمان ونفاق، فيكون أصحاب الذنوب مخلدين في النار إذا كان ليس معهم من الإيمان شيء، وقالت المرجئة مقتصدتهم وغلاتهم كالجهمية، قد علمنا أن أهل الذنوب من أهل القبلة لا يخلدون في النار بل يخرجون منها كما تواترت بذلك الأحاديث، وعلمنا بالكتاب والسنة وإجماع الأئمة أنهم ليسوا كفاراً مرتدين، فإن الكتاب قد أمر بقطع السارق لا بقتله، وجاءت السنة بجلد الشارب لا بقتله، فلو كان هؤلاء كفاراً مرتدين لوجب قتلهم، وبهذا ظهر للمعتزلة ضعف قول الخوارج خالفوهم في أحكامهم في الدنيا.
والخوارج لا يتمسكون من السنة إلا بما فسر مجملها دون ما خالف ظاهر
36