Majmu'at al-Rasa'il al-Kubra li Ibn Taymiyyah
مجموعة الرسائل الكبرى لابن تيمية
ناشر
دار إحياء التراث العربي
پبلشر کا مقام
بيروت
اصناف
سبحانه بين الفرق بين أشخاص أهل الطاعة لله والرسول والمعصية لله والرسول كما بين الفرق بين ما أمر به وبين ما نهى عنه.
وأعظم من ذلك أنه بين الفرق بين الخالق والمخلوق، وأن المخلوق لا يجوز أن يسوى بين الخالق والمخلوق في شيء، فيجعل المخلوق نداً للخالق. قال تعالى: (ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله) وقال تعالى: (هل تعلم له سمياً. ولم يكن له كفواً أحد. ليس كمثله شيء) وضرب الأمثال في القرآن على من لم يفرق بل عدل بربه وسوى بينه وبين خلقه كما قالوا وهم في النار يصطرخون فيها: (تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين) وقال تعالى: (أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم والله يعلم ما تسرون وما تعلنون والذين تدعون من دون الله لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون).
فهو سبحانه الخالق العليم الحق الحي الذي لا يموت، ومن سواه لا يخلق شيئاً كما قال: (إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب ما قدروا الله حق قدره).
وهذا مثل ضربه الله، فإن الذباب من أصغر الموجودات وكل من يدعى من دون الله لا يخلقون ذباباً ولو اجتمعوا له، وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه، فإذا تبين أنهم لا يخلقون ذباباً ولا يقدرون على انتزاع ما يسلبهم، فهم عن خلق غيره وعن مغالبته أعجز وأعجز.
11