============================================================
مليكنا حسن جيل وما آرزاقه عنا تفوت فيا هلذا سترحل عن قريب إلى قوم كلامهم السكوث وكان رضي الله عنه إذا فرغ من حرب صفين ليلا.. يمسك لحيته، ويبكي حتى تخضل بالبكاء، وهو يقول : (آها من قلة الزاد ، ويعد السفر، ووغر الطريق) .
ومن أحاديثه رضي الله عنه قال : علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل بي كرب.. أن أقول : " لا إلكه إلا الله الحليم الكريم ، سبحان الله، وتبارك الله رب العرش العظيم ، والحمد لله رب العالمين (1) " انتهى: وروى الحافظ أبو نعيم - رحمه الله - : عن آبي صالح قال : دخل ضرار بن ضمرة الكناني على معاوية فقال : صف لي عليا، فقال : أو تعفيني ؟ فقال : لا أعفيك، قال : أما إذ لا بد.. فإنه كان - والله - بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلا، ويحكم عدلا، ويتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكم من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل وظلمته ، كان - والله - غزير الدمعة، كثير العبرة ، طويل الفكرة، يقلب كفه، ويخاطب تفسه، يعجبه من اللباس ما قصر، ومن الطعام ما جشب، كان - والله كأحدنا، يدنينا إذا أتيناه ، ويجيبتا إذا سألناه، وكان مع تقربه إلينا وقربه منا لا نكلمه؛ هيبة له، فإن تبسم. . فعن مثل اللؤلؤ المنظوم، يعظم أهل الدين، ويحب المساكين، لا يطمع القوي في باطله، ولا ييئس الضعيف من عدله، فأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه، يتمثل في محرابه، قابضا على لحيته، يتململ تململ السليم ، ويبكي بكاء الحزين، فكأني أسمعه الان وهو يقول : (يا رينا؛ يا ربنا)، يتضرع إليه، ثم يقول للدنيا : (أبي تغررت؟ إلي تشوفت ؟ أم لي تزينت ؟ هيهات ميهات! غري غيرى، قد بتيك ثلاثا لا رجعة لي فيك فعرك قصير، ومجلسك حقير، وخطرك كبير، آه1 آها من قلة الزاد، وبغد السفر، ووحشة الطريق) .
فوكفت دموع معاوية على لحيته ما يملكها، وجعل ينشفها بكه، وقد اختنق القوم بالبكاء، فقال : هنكذا كان أبو الحسن رحمه الله؟ كيف وجدك عليه يا ضرار؟ قال : وجد من ذبح واحدها في حجرها، لا يرقا دمعها، ولا يسكن حزنها، ثم قام، فخرج: (1) احرجه الحاكم (14/1)
صفحہ 246