لكل ذنب تقدم للانسان قبله حتى لا يدع له جناية يحذر عاقبتها ولا معرة يسوء الحديث عنها بل يعفى على ما تقدم من السوءات، ويحثو على ما ظهر (1) من العورات.
33 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام في وصيته لأمراء الجيش الذي بعثه إلى مؤتة (2): " وستجدون آخرين للشيطان في رؤوسهم مفاحص فاقلعوها بالسيوف "، وهذه من الاستعارات العجيبة، والمجازات اللطيفة. وذلك أن من كلام العرب أن يقول القائل منهم إذا أراد أن يصف إنسانا بشدة الارتكاس في غيه والارتكاض في عنان بغيه قد فرخ الشيطان في رأسه أو قد عشش الشيطان في قلبه، فذهب عليه الصلاة والسلام إلى ذلك الوضع وبنى على ذلك الأصل، فقال للشيطان في رؤوسهم مفاحص والمفحص في الأصل الموضع الذي تبحثه القطاة لتجثم عليه أو لتبيض فيه (3). وإنما قيل له مفحص لأنها لا تجثم فيه إلا بعد أن تفحص التراب عنه توطئة لمجثمها وتمهيدا لجسمها. ويقال ما بقي لفلان مفحص قطاة إذا
صفحہ 55