9 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام في عمرة الحديبية عند كلام جرى في شأن قريش: " فإن اتبعونا اتبعنا منهم عنق يقطعها الله "، وفي هذا القول استعارة، لأنه عليه الصلاة والسلام شبه من تبعه منهم في المتلاحق والامتداد والجد والاجتهاد بالعنق الواحدة التي لا تختلف أجزاؤها، ولا تتباين أعضاؤها، فهو أشد لقوتها، وأوهن لصدمتها. وعلى هذا المعنى قول الشاعر، وأنشدناه شيخنا أبو الفتح عثمان بن جنى النحوي رحمه الله في حال القراءة عليه:
أبلغ أمير المؤمنين * أخا العراق إذا أتيتا أن العراق وأهله * عنق إليك فهيت هيتا (1) ولقول الشاعر: عنق إليك معنيان:
(أحدهما) أن يكون على الوجه الذي ذكرناه أولا من تشبيه الطالبين له، والقاصدين إليه، بالعنق في التلاحق إلى فنائه، والتسرع إلى لقائه.
(والمعنى الآخر) أن يكون أراد: أهل العراق على توقع لوروده وتشوق إلى طلوعه، فهم كالعنق الممتدة نحوه، وذلك على المتعارف
صفحہ 26