156

مجانی الادب

مجاني الأدب في حدائق العرب

ناشر

مطبعة الآباء اليسوعيين

پبلشر کا مقام

بيروت

اصناف

ربطت الأخشاب في يدي ورجلي وواحدة في ظهري وواحدة في جنبي وشددتها بليف الشجر وانطرحت انتظر الموت. فلما كان المساء أتت الحية تسري إلى أن وصلت إلي. فجعلت تقلبني يمينًا وشمالًا وتجذبني وأنا أبعد عنها ولا تقدر على ابتلاعي من تلك الأخشاب التي أنا مشدود بها. ولم تزل تلعب بي كما تلعب القطة بالفارة حتى أضاء الفجر ومضت عني. فلما أشرقت الشمس حللت الأخشاب عني وأنا مثل الميت من عظم ما قاسيت من نفسها الكريه. وكان الموت أهون علي مما قاسيته تلك الليلة. ثم أتيت إلى جانب البحر وأردت أن ألقي نفسي في الماء وإذا بمركب من بعد وهو كأنه قطعة من الجبل في البحر. فناديته بأعلى صوتي ورفعت عمامتي إلى فوق فرآني أصحاب المركب فأتوا إلي وأخذوني في زورق إلى المركب وسألوني عن حالي. فحكيت لهم حكايتي من الأول إلى الآخر فتعجبوا عجبًا عظيمًا. وقال كل مشايخ المركب: إن الأسود الكبير قد ذكره البحريون وهم كثيرون ذوو خلقة عظيمة يشبهون بني آدم ويأكلون الناس بالحياة ومطبوخين وأما الحية التي ذكرتها تختفي في النهار وتظهر بالليل ولا يخلص منها أحد فالحمد لله الذي خلصك منها. ثم إنهم فرحوا بي وأطعموني من زادهم وأعطاني رئيس المركب ثيابًا وكسوة وسرت معهم في المركب وأنا لا أصدق ذلك وأظن أني في المنام. وما زلنا نسير

1 / 162