Majalis Ramadan - Ahmed Fareed
مجالس رمضان - أحمد فريد
اصناف
آداب الدعاء
فالدعاء سبب مقتض للإجابة إذا توفّرت الشرائط وانتفت الموانع، وشرائط الدعاء هي آداب الدعاء.
ومن آداب الدعاء: ١ - أن يدعو العبد ربه وهو موقن بالإجابة؛ لأن الله ﷿ وعد بالإجابة، فقال: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر:٦٠].
٢ - أن يعظّم العبد الرغبة في الله ﷿؛ لأن الله ﷿ غني كريم، لو أعطى كل الخلق جميع ما يؤملونه لما نقص ذلك مما عند الله ﷿ إلا كما ينقص المخيط إذا أُدخل البحر، فالعبد يطمع في الله ﷿، وفي رحمته وكرمه.
٣ - ألا يعجل العبد، كما قال النبي ﷺ: (يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، قالوا: كيف يعجل يا رسول الله؟ قال: يقول: دعوت فلم يستجب لي)، فالعبد يطلب المسألة من الله ﷿ مرة أو مرتين أو ثلاث أو أكثر من ذلك، ثم يترك الطلب ويترك الدعاء؛ لأنه لم يجد الإجابة على الصورة التي طلبها، فهذا يكون كالمبخِّل للرب الكريم الذي لا ينقصه العطاء، بل ينبغي على العبد أن يلازم الدعاء، ومن داوم طرق الباب يوشك أن يُفتح له، ويمثلون من يدعو بشيء معين ثم يترك الدعاء به بمن حرث الأرض وبذر البذر، وتعهّد الزرع بالخدمة، ثم استبطأ خروج الثمر فترك الزرع فأضاع مجهوده السابق، فينبغي للعبد أن يلازم المسألة.
٤ - أن يحسن الظن بالله ﷿، فيقول: لعله يستجيب لي، أو يدّخر لي أجرًا، أو لعله يصرف عني سوء، ويسيء الظن بنفسه فيقول: لعلي قاطع رحم، أو لعل مطعمي حرام أو مشربي حرام، فيراجع نفسه ويراجع عبادته مع الله ﷿.
٥ - أن يلح العبد في الدعاء، (كان النبي ﷺ إذا دعا دعا ثلاثًا، وإذا سلّم سلّم ثلاثًا).
٦ - أن يتخير العبد الأوقات والأحوال والدعوات.
يتخير الأوقات كيوم عرفة من أيام السنة، وليلة القدر من بين الليالي، والثلث الأخير من الليل، وأن يتحرى ساعة الجمعة، والراجح أنها آخر ساعة من بعد عصر يوم الجمعة أي: قبل المغرب، وقيل: هي ساعة صعود الخطيب المنبر إلى حين ينزل.
أيضًا الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد.
ويتخير الأحوال كحال نزول المطر؛ لأن الله ﷿ قرن نزول المطر بالرحمة فقال ﷿: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ﴾ [الشورى:٢٨]، وحال السجود، لقوله ﷺ: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم) أي: جدير أن يستجاب لكم.
كذلك عند زحف الصفوف لرفع راية الله ﷿ وإعلاء كلمته ﷿، يقولون: شرف الحال لشرف الوقت، فيوم عرفة يوم تكثر فيه الأسئلة على الله ﷿ ويكثر فيه الدعاء، والله ﷿ ليس كمثله شيء، فترجى الإجابة عند كثرة المسائل، كذلك عند ساعة الجمعة ترتفع الأيدي وتُظهر شعيرة الجمعة فعند ذلك يُرجى قبول الدعاء.
ينبغي أن يتخير العبد كذلك الدعوات القرآنية أو ما ثبت في السنة عن النبي ﷺ، ولا يتكلّف السجع في الدعاء.
٧ - أن يطيّب العبد مطعمه، قال النبي ﷺ: (إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾ [المؤمنون:٥١]، وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة:١٧٢]، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه يقول: يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وغُذي بالحرام، فإنى يُستجاب لذلك؟) فالله ﷿ ما فرّق بين الرسل الكرام وبين عامة المسلمين في الأمر بالأكل من الحلال الطيب فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾ [المؤمنون:٥١]، وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة:١٧٢]، ثم ذكر الرجل يطيل السفر، ودعوة المسافر مستجابة للمشقة التي يجدها ولكسرة قلبه، والله ﷿ يقبل دعاء المنكسرة قلوبهم إذا مدوا أيديهم، ورفع اليدين متواتر في الدعاء يقول: يا رب يا رب، وفي هذا إلحاح على الله ﷿ باسم الربوبية، وهذا أيضًا من آداب الدعاء.
٨ - أن يبدأ دعاءه بحمد الله ﷿ والثناء عليه، والصلاة على النبي ﵌، والدعاء للنبي ﷺ، ثم يدعو ويختم كذلك بالحمد والثناء والصلاة على رسول الله.
(رأى النبي ﷺ رجلًا يدعو لم يحمد الله ﷿ ولم يصل على نبيه ﷺ فقال: عجّل هذا، ثم دعاه وقال له ولغيره: إذا دعا أحدكم فليبدأ بتحميد الرب جل وعلا، ويثني بالصلاة على نبيه ﷺ.
٩ - أدب الباطن وهو التوبة والاستجابة لله ﷿، فمن أراد أن يستجيب الله ﷿ له فينبغي أن يستجيب لله ﷿، كما قال تعال
7 / 3