============================================================
مقدمة المحقق/ ترجمة الإمام الحافظ ابن الجوزي الحنبلي إلى حماقة هذا الجاهل، أنكر أن يكون الخالق موجودا لا في زمان ولا في مكان وتسي أنه أوجدهماء وإنما ذكرث هذا من أشعاره ليشتدل بها على كفره، فلعنه الله"(1).
وقال في كتابه "صيد الخاطر": "عجبت من أقوام يدعون العلم، ويميلون إلى التشبيه بحملهم الأحاديث على ظواهرها، فلو آنهم أمروها كما جاءت سلموا، لأن من أمر ما جاء ومر من غير اعتراض ولا تعرض، فما قال شيئا، لا له ولا عليه.
ولكن أقواما قصرت علومهم، فرأت أن حمل الكلام على غير ظاهره نوع تعطيل، ولو فهموا سعة اللغة لم يظنوا هذا، وما هم إلا بمثابة قول الحجاج(4) لكاتبه وقد مدحته الخنساء، فقالت: إذا هبط الحجاج أرضا مريضة تتبع أقصى دائها فشفاها شفاها من الداء العضال الذي بها غلام إذا هز القناة شفاها فلما أتمت القصيدة، قال لكاتبه: اقطع لسانها! فجاء ذاك الكاتب المغفل بالموسى، فقالت له: ويلك! إنما قال: أجزل لها العطاء، ثم ذهبت إلى الحجاج فقالت: كاد والله يقطع مقولي.
فكذلك الظاهرية(3) الذين لم يسلموا بالتسليم، فإنه من قرأ الآيات والأحاديث ولم (1) ابن الجوزي، المنتظم في تاريخ الأمم والملوك (27/16) .
(2) هو الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل الثقفي (ت/95ه)، قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء"(344/4): "وكان ظلؤما، جبارا، ناصبيا، خبيثا، سفاكا للدماء، وكان ذا شجاعة، واقدام، ومكر، ودهاي، وفصاحة وبلاغة...". وهو المقصود من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إن في ثقيف كذابا ومبيرا". كما رواه مسلم في صحيحه (4/ 1971) (رقم/2545) عن أسماء بنت أبي بكر. ومعنى "المبير": أي المسرف في إهلاك الناس وقتلهم، قال اين كثير في "البداية والتهاية" (13/9): "وأما "المبير" فهو الحجاج بن يوسف هذا، وقد كان ناصبيا يبغض عليا وشيعته في هوى آل مروان بني أمية، وكان جبارا عنيدا، مقداما على سفك الدماء بأدنى شبهة (3) أي الذين تمسكوا بظاهر ما تشابه من الكتاب والسنة لاثبات التجسيم والتشبيه، وليس أثمة الظاهرية كابن حزم، فإنه من المنزهين لله تعالى عن المكان والجهة وسيأتي كلامه (ص/35) في ذلك.
صفحہ 10