فليعلم الإنسان المعرض للخطأ والنسيان: أنه عبد مملوك، فقير صعلوك، ذليل مسكين، ابن الماء والطين، مخلوق من ماء مهين، لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا، ولا لخير جرا، ولا لأذى بعوضة فما فوقها دفعا، وليتحقق قدر نفسه الضعيفة روحا وجسما، تجد عقله معقولا عن الإحاطة بنفسه علما، فضلا عن معرفة روحه، وسر الحكمة في تركيب بدنه وتشريحه. وإذا كان الأمر على ما أشرت إليه، من عجز الإنسان عن معرفة نفسه وما جبلت عليه، فكيف يصل بعقله المعقول عن السلوك إلى معرفة الله العظيم ملك الملوك، إلا على وفق ما وقف عليه من الكتاب الذي لا ريب فيه، والسنة الثابتة بالنقل إليه؟!
فليقف كل إنسان عند حدود القرآن وما ثبت من السنة، وليحذر من نزغات شياطين الإنس والجنة، بما نمقوه من جدل الكلام، ولفقوه بعبارات لا تجدي نفعا على الأنام، وقد حذر من ذلك أئمة الأمة، وأعلام الأئمة، ومنهم الأئمة الأربعة، ذموا الكلام ومن اشتغل به ومن استمعه، وقبلهم علماء لا يحصرون، وبعدهم خلق آخرون.
صفحہ 77